للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَنَّ، وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ إِذَا قَاتَلَ مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابَهُ يَجْرِي مَا جَرَى لَمْ يُقَاتِلْهُمْ ; فَإِنَّهُ كَانَ لَوْ لَمْ يُقَاتِلْ أَعَزَّ وَانْتَصَرَ (١) .، وَكَانَ أَكْثَرُ النَّاسِ مَعَهُ، وَأَكْثَرُ الْبِلَادِ تَحْتَ وِلَايَتِهِ، فَلَمَّا قَاتَلَهُمْ ضَعُفَ أَمْرُهُ، حَتَّى صَارَ مَعَهُمْ كَثِيرٌ مِنَ الْبِلَادِ الَّتِي كَانَتْ فِي (٢) . طَاعَتِهِ، مِثْلَ مِصْرَ وَالْيَمَنِ، وَكَانَ الْحِجَازُ دُوَلًا.

وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إِذَا حَكَّمَ الْحَكَمَيْنِ يَحْكُمَانِ بِمَا حَكَمَا لَمْ يُحَكِّمْهُمَا. وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا يَفْعَلُ بِالْآخَرِ مَا فَعَلَ حَتَّى يَعْزِلَاهُ، لَمْ يُوَلِّ مَنْ يُوَافِقُ عَلَى عَزْلٍ، وَلَا مَنْ خَذَلَهُ الْحَكَمُ الْآخَرُ (٣) .، بَلْ قَدْ أَشَارَ عَلَيْهِ مَنْ أَشَارَ أَنْ يُقِرَّ مُعَاوِيَةَ عَلَى إِمَارَتِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ، حَتَّى يَسْتَقِيمَ لَهُ الْأَمْرُ، وَكَانَ هَذَا الرَّأْيُ أَحْزَمَ عِنْدَ الَّذِينَ يَنْصَحُونَهُ وَيُحِبُّونَهُ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَّى أَبَا سُفْيَانَ - أَبَا مُعَاوِيَةَ - نَجْرَانَ (٤) .، وَكَانَ وَالِيًا عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَدِ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ أَحْسَنَ إِسْلَامًا مِنْ أَبِيهِ، وَلَمْ يَتَّهِمْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مُعَاوِيَةَ بِنِفَاقٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَبِيهِ.

وَالصِّدِّيقُ كَانَ قَدْ وَلَّى أَخَاهُ - يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ - أَحَدَ الْأُمَرَاءِ فِي فَتْحِ الشَّامِ، لَمَّا وَلَّى خَالِدًا وَأَبَا عُبَيْدَةَ وَيَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ لَمَّا فَتَحُوا الشَّامَ، بَقِيَ أَمِيرًا إِلَى أَنْ مَاتَ بِالشَّامِ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ، رَجُلًا صَالِحًا


(١) م: لَوْ لَمْ يُقَاتِلْ أَعَزُّ وَأَنْصَرُ، س: لَوْ لَمْ يُقَاتِلْ عَزَّ وَنَصَرَ، ب: لَوْ لَمْ يُقَاتِلْ فِي عِزٍّ وَنَصْرٍ
(٢) م: تَحْتَ
(٣) انْظُرْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي كِتَابِهِ " الْعَوَاصِمِ مِنَ الْقَوَاصِمِ " عَنْ مَسْأَلَةِ التَّحْكِيمِ وَصِحَّةِ مَا وَقَعَ فِيهَا، وَانْظُرْ تَعْلِيقَاتِ أُسْتَاذِي الْأُسْتَاذِ مُحِبِّ الدِّينِ الْخَطِيبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ص ١٧٢ - ١٨١
(٤) ن، م، س: وَلَّى أَبَا سُفْيَانَ نَجْرَانَ، أَبَا مُعَاوِيَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>