للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ مَنْ يَجْرِي لَهُمْ أَضْعَافُ هَذَا، وَأَفْضَلُ مِنْ هَذَا وَهَذَا، وَإِنْ كَانَ إِذَا جَرَى عَلَى يَدِ بَعْضِ الصَّالِحِينَ كَانَ نِعْمَةً مِنَ اللَّهِ وَكَرَامَةً لَهُ، فَقَدْ يَقَعُ مِثْلُ ذَلِكَ لِمَنْ لَيْسَ مِنَ الصَّالِحِينَ كَثِيرًا.

وَأَمَّا سَائِرُ مَا فِيهَا، مِثْلَ قَوْلِهِ: " إِنَّ هَذَا الدَّيْرَ بُنِيَ عَلَى طَالِبِ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، وَمَخْرَجُ الْمَاءِ مِنْ تَحْتِهَا ".

فَلَيْسَ هَذَا مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا تُبْنَى الْكَنَائِسُ وَالدَّيَّارَاتُ وَالصَّوَامِعُ عَلَى أَسْمَاءِ الْمُقْتَدِيَةِ بِسِيَرِ النَّصَارَى، فَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلَا يَبْنُونَ مَعَابِدَهُمْ - وَهِيَ الْمَسَاجِدُ الَّتِي أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ - إِلَّا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، لَا عَلَى اسْمِ مَخْلُوقٍ.

وَقَوْلُ (١) الرَّاهِبِ: " أَنْتَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ أَوْ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ " يَدُلُّ عَلَى جَهْلِهِ، وَأَنَّهُ مِنْ أَضَلِّ الْخَلْقِ ; فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَشْرَبُ الْمَاءَ، وَلَا تَحْتَاجُ [إِلَى] (٢) أَنْ تَسْتَخْرِجَهُ مِنْ تَحْتِ صَخْرَةٍ. وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الرَّاهِبَ قَدْ سَمِعَ بِخَبَرِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ فَتَحُوا تِلْكَ الْمَوَاضِعَ، فَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُبْعَثَ رَسُولٌ بَعْدَ الْمَسِيحِ، فَمُحَمَّدٌ هُوَ الرَّسُولُ، وَمُعْجِزَاتُهُ ظَاهِرَةٌ بَاطِنَةٌ، فَإِنْ صَدَّقَهُ فَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فَكَيْفَ يَعْتَقِدُ فِي غَيْرِهِ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ بِمُجَرَّدِ دَلَالَتِهِ عَلَى مَاءٍ تَحْتَ صَخْرَةٍ، أَوْ لِكَوْنِ الدَّيْرِ بُنِيَ عَلَى اسْمِهِ، وَهُمْ يَبْنُونَ الدَّيَّارَاتِ عَلَى أَسْمَاءِ خَلْقٍ كَثِيرٍ لَيْسُوا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَلَا الرُّسُلِ؟ !

وَمَا فِيهِ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ: " وَلَكِنِّي وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "


(١) س، ب: فَقَوْلُ.
(٢) إِلَى: لَيْسَتْ فِي (ن)

<<  <  ج: ص:  >  >>