للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُعْرَفُ قَطُّ أَنَّ الشَّمْسَ رَجَعَتْ بَعْدَ غُرُوبِهَا، وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ وَالطَّبِيعِيِّينَ وَبَعْضِ أَهْلِ الْكَلَامِ يُنْكِرُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ، وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ، فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي هَذَا الْمَقَامِ. لَكِنَّ الْغَرَضَ أَنَّ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ فِي الْفَلَكِ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يُنْكِرُ إِمْكَانَهُ، فَلَوْ وَقَعَ لَكَانَ ظُهُورُهُ وَنَقْلُهُ أَعْظَمَ مِنْ ظُهُورِ مَا دُونَهُ وَنَقْلِهِ، فَكَيْفَ يُقْبَلُ وَحَدِيثُهُ لَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ مَشْهُورٌ؟ فَإِنَّ هَذَا يُوجِبُ الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ بِأَنَّهُ كَذِبٌ لَمْ يَقَعْ.

وَإِنْ كَانَتِ الشَّمْسُ احْتَجَبَتْ بِغَيْمٍ، ثُمَّ ارْتَفَعَ سَحَابُهَا، فَهَذَا مِنَ الْأُمُورِ الْمُعْتَادَةِ، وَلَعَلَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّهَا غَرَبَتْ، ثُمَّ كُشِفَ الْغَمَامُ عَنْهَا.

وَهَذَا - وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ - فَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ بَيَّنَ لَهُ بَقَاءَ الْوَقْتِ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ. وَمِثْلُ هَذَا يَجْرِي لِكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ صُنِّفَ فِيهِ مُصَنَّفٌ جُمِعَتْ فِيهِ طُرُقُهُ: صَنَّفَهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (١) بْنِ أَحْمَدَ الْحَكَانِيِّ سَمَّاهُ " مَسْأَلَةٌ فِي تَصْحِيحِ رَدِّ الشَّمْسِ وَتَرْغِيبِ النَّوَاصِبِ الشُّمْسِ " (٢) وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طَرِيقِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةِ، وَمِنْ طَرِيقِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ. وَذُكِرَ حَدِيثُ أَسْمَاءَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ.


(١) عِبَارَةُ (ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ) : لَيْسَتْ فِي (م) .
(٢) لَمْ أَجِدْ فِيمَا بَيْنَ يَدِي مِنْ مَرَاجِعَ شَيْئًا عَنِ الْمُؤَلِّفِ أَوْ عَنِ الْكِتَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>