للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ. وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ، وَلَفْظُهُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوحَى إِلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ، فَلَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ» .

وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ مَطَرٍ عَنْ فُضَيْلِ (* بْنِ مَرْزُوقٍ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيِّ صَاحِبِ كِتَابِ " الضُّعَفَاءِ ".

قُلْتُ: وَهَذَا اللَّفْظُ يُنَاقِضُ الْأَوَّلَ، فَفِيهِ أَنَّهُ نَامَ فِي حِجْرِهِ *) (١) مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَأَنَّ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ بِالصَّهْبَاءِ. وَفِي الثَّانِي أَنَّهُ كَانَ مُسْتَيْقِظًا يُوحِي إِلَيْهِ جِبْرِيلُ، وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ. وَهَذَا التَّنَاقُضُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ ; لِأَنَّ هَذَا صَرَّحَ (٢) بِأَنَّهُ كَانَ نَائِمًا هَذَا الْوَقْتَ، وَهَذَا قَالَ: كَانَ يَقْظَانَ يُوحَى إِلَيْهِ، وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ ; فَإِنَّ النَّوْمَ بَعْدَ الْعَصْرِ مَكْرُوهٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، فَكَيْفَ تَفُوتُ عَلِيًّا صَلَاةُ الْعَصْرِ؟

ثُمَّ تَفْوِيتُ الصَّلَاةِ بِمِثْلِ هَذَا، إِمَّا أَنْ يَكُونَ جَائِزًا، وَإِمَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ (٣) . فَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَمْ يَكُنْ عَلَى عَلِيٍّ إِثْمٌ إِذَا صَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَلَيْسَ عَلِيٌّ أَفْضَلَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاتَتْهُ الْعَصْرُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّاهَا، وَلَمْ تُرَدَّ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وَكَذَلِكَ لَمْ تُرَدَّ لِسُلَيْمَانَ لَمَّا تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ.


(١) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(٢) م: صَرِيحٌ.
(٣) ن: وَإِمَّا أَنْ لَا يَجُوزَ، س، ب: وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>