وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَاشَرَ مَنْ رَأَى ذَلِكَ. وَإِمَّا أَنْ يُخْبِرَهُ بِذَلِكَ مَنْ هُوَ عِنْدَهُ صَادِقٌ.
فَمَا زَالَ النَّاسُ فِي كُلِّ عَصْرٍ يَقَعُ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَيَحْكِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ. وَهَذَا كَثِيرٌ (١) فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِنَفْسِهِ وَقَعَ لَهُ بَعْضُ ذَلِكَ.
وَهَذِهِ جُيُوشُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَرَعِيَّتُهَا: لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ. مِثْلَ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَعُبُورِهِ عَلَى الْمَاءِ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، فَإِنَّ هَذَا أَعْظَمُ مِنْ نُضُوبِ الْمَاءِ، وَمِثْلَ اسْتِقَائِهِ، وَمِثْلَ الْبَقَرِ الَّذِي كَلَّمَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فِي وَقْعَةِ الْقَادِسِيَّةِ، وَمِثْلَ نِدَاءِ عُمَرَ: " يَا سَارِيَةُ الْجَبَلَ " وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ، وَسَارِيَةُ بِنَهَاوَنْدَ، وَمِثْلَ شُرْبِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ السُّمَّ.
وَمِثْلَ إِلْقَاءِ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ فِي النَّارِ، فَصَارَتْ عَلَيْهِ النَّارُ بَرْدًا وَسَلَامًا، لَمَّا أَلْقَاهُ فِيهَا الْأَسْوَدُ الْعَنْسِيُّ الْمُتَنَبِّئُ الْكَذَّابُ، وَكَانَ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى الْيَمَنِ، فَلَمَّا امْتَنَعَ أَبُو مُسْلِمٍ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ أَلْقَاهُ فِي النَّارِ، فَجَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا، فَخَرَجَ مِنْهَا يَمْسَحُ جَبِينَهُ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ وَصْفُهُ.
وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ خَوَارِقَ الْعَادَاتِ تَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ بِحَسَبِ حَاجَتِهِمْ، فَمَنْ كَانَ بَيْنَ الْكُفَّارِ أَوِ الْمُنَافِقِينَ أَوِ الْفَاسِقِينَ احْتَاجَ إِلَيْهَا لِتَقْوِيَةِ الْيَقِينِ ; فَظَهَرَتْ عَلَيْهِ كَظُهُورِ النُّورِ فِي الظُّلْمَةِ.
فَلِهَذَا يُوجَدُ بَعْضُهَا لِكَثِيرٍ مِنَ الْمَفْضُولِينَ، أَكْثَرَ مِمَّا يُوجَدُ لِلْفَاضِلِينَ ; لِحَاجَتِهِمْ إِلَى ذَلِكَ.
(١) كَثِيرٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute