للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا أَنَّ الرَّجُلَيْنِ إِنْ كَانَا عَالِمَيْنِ بِالطِّبِّ أَوِ الْحِسَابِ، أَوِ الْفِقْهِ أَوِ النَّحْوِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَأَكْمَلُهُمَا بِالْعِلْمِ بِذَلِكَ أَعْلَمُهُمَا بِهِ، (* فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي ذَلِكَ تَسَاوَيَا فِي الْعِلْمِ، وَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَعْلَمَ بِكَوْنِ أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ (١) أَعْلَمَ مِنَ الْآخَرِ. وَهَكَذَا فِي الشَّجَاعَةِ وَالْكَرَمِ، وَالزُّهْدِ وَالدِّينِ.

إِذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ، فَالْفَضَائِلُ الْخَارِجِيَّةُ لَا عِبْرَةَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى *) (٢) ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَبَبًا فِي زِيَادَةِ الْفَضَائِلِ الدَّاخِلِيَّةِ (٣) . وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ الْفَضِيلَةُ بِالْفَضَائِلِ الدَّاخِلِيَّةِ (٤) ، وَأَمَّا الْفَضَائِلُ الْبَدَنِيَّةُ فَلَا اعْتِبَارَ بِهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ صَادِرَةً عَنِ الْفَضِيلَةِ النَّفْسَانِيَّةِ.

وَإِلَّا فَمَنْ صَلَّى وَصَامَ، وَقَاتَلَ وَتَصَدَّقَ، بِغَيْرِ نِيَّةٍ خَالِصَةٍ لَمْ يُفَضَّلْ بِذَلِكَ ; فَالِاعْتِبَارُ بِالْقَلْبِ.

كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «أَلَا إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ» " (٥) .


(١) ن: يَكُونُ ابْنَهُ أَوْ أَبِيهِ
(٢) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م)
(٣) ن، س، ب: الدَّاخِلَةِ.
(٤) ن، س، ب: الدَّاخِلَةِ.
(٥) الْحَدِيثُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ ١/١٦ (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ فَضْلِ مَنِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ) وَنَصُّهُ: " الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ " وَالْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - فِي: مُسْلِمٍ ٣/١٢١٩ - ١٢٢٠ كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ، بَابُ أَخْذِ الْحَلَالِ وَتَرْكِ الشُّبُهَاتِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ ٢/١٣١٨ - ١٣١٩ (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ الْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) ٤/٢٧٠ - ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>