للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ] (١) قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ، أَعْظَمُ مِنْ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى إِثْبَاتِ شَفَاعَةِ نَبِيِّنَا فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَخُرُوجِهِمْ مِنَ النَّارِ، وَعَلَى إِثْبَاتِ الْحَوْضِ وَالْمِيزَانِ، وَعَلَى قِتَالِ الْخَوَارِجِ وَمَانِعِي الزَّكَاةِ، وَعَلَى صِحَّةِ إِجَارَةِ الْعَقَارِ، وَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا.

بَلْ إِيمَانُ (٢) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَدَالَتُهُمَا مِمَّا (٣) وَافَقَتْ عَلَيْهِ الْخَوَارِجُ - مَعَ تَعَنُّتِهِمْ - وَهُمْ يُنَازِعُونَ فِي إِيمَانِ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ. وَاتَّفَقَتِ الْخَوَارِجُ عَلَى تَكْفِيرِ عَلِيٍّ، وَقَدْحُهُمْ فِيهِ أَكْثَرُ (٤) مِنْ قَدْحِهِمْ فِي عُثْمَانَ. وَالزَّيْدِيَّةُ بِالْعَكْسِ. وَالْمُعْتَزِلَةُ كَانَ قُدَمَاؤُهُمْ يَمِيلُونَ إِلَى الْخَوَارِجِ، وَمُتَأَخِّرُوهُمْ يَمِيلُونَ إِلَى الزَّيْدِيَّةِ. كَمَا أَنَّ الرَّافِضَةَ (٥) قُدَمَاؤُهُمْ يُصَرِّحُونَ بِالتَّجْسِيمِ، وَمُتَأَخِّرُوهُمْ عَلَى قَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ. وَكَانَتِ الشِّيعَةُ الْأُولَى لَا يَشُكُّونَ فِي تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَأَمَّا عُثْمَانُ فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يُفَضِّلُ عَلَيْهِ عَلِيًّا، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِلثَّوْرِيِّ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ. وَطَائِفَةٌ أُخْرَى لَا تُفَضِّلُ أَحَدَهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ.

وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (٦) عَنْ مَالِكٍ عَمَّنْ أَدْرَكَهُ مِنَ الْمَدَنِيِّينَ، لَكِنْ قَالَ: مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ يُفَضِّلُ أَحَدَهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ. وَهَذَا يَحْتَمِلُ السُّكُوتَ عَنِ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ، فَلَا يَكُونُ قَوْلًا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَيَحْتَمِلُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا. وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ (٧) عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ


(١) عَلَى ذَلِكَ: زِيَادَةٌ فِي (ب)
(٢) ن، م، س: بَلْ عَلَى إِيمَانِ.
(٣) س: بِمَا
(٤) م: أَعْظَمُ.
(٥) ن، م: الرَّوَافِضَ.
(٦) م: أَبُو الْقَاسِمِ.
(٧) م: أَبُو الْقَاسِمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>