للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ (١) لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً» " (٢) .

وَأَيْضًا فَمُوسَى رَسُولٌ كَرِيمٌ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ (٣) غَضَبِهِ بِمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ (٤) .

فَإِذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا لَا يَقْدَحُ فِي الرِّسَالَةِ، فَكَيْفَ يَقْدَحُ فِي الْإِمَامَةِ؟ ! مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَبَّهَ أَبَا بَكْرٍ بِإِبْرَاهِيمَ وَعِيسَى فِي لِينِهِ وَحِلْمِهِ، وَشَبَّهَ عُمَرَ بِنُوحٍ وَمُوسَى فِي شِدَّتِهِ فِي اللَّهِ. فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الشِّدَّةُ لَا تُنَافِي الْإِمَامَةَ، فَكَيْفَ تُنَافِيهَا شِدَّةُ أَبِي بَكْرٍ؟ !

الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَصَدَ بِذَلِكَ الِاحْتِرَازَ (٥) أَنْ يُؤْذِيَ أَحَدًا مِنْهُمْ، فَأَيُّمَا (٦) أَكْمَلُ: هَذَا أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ غَضِبَ عَلَى مَنْ عَصَاهُ، وَقَاتَلَهُمْ وَقَاتَلُوهُ بِالسَّيْفِ، وَسَفَكَ دِمَاءَهُمْ؟

فَإِنْ قِيلَ: كَانُوا يَسْتَحِقُّونَ الْقِتَالَ بِمَعْصِيَةِ الْإِمَامِ وَإِغْضَابِهِ.

قِيلَ: وَمَنْ عَصَى أَبَا بَكْرٍ وَأَغْضَبَهُ كَانَ أَحَقَّ بِذَلِكَ، لَكِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَرَكَ مَا يَسْتَحِقُّهُ، إِنْ كَانَ عَلِيٌّ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ أَنْ يُقَالَ: مَنْ عَصَى


(١) م: وَلَيْسَ
(٢) الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُسْلِمٍ ٤/٢٠٠٩ - ٢٠١٠ (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ مَنْ لَعَنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. . إِلَخْ) .
(٣) ن، م، س: مَنَّ
(٤) ذَكَرَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - غَضَبَ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ. .) الْآيَةَ [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: ١٥٤] ، وَقَوْلِهِ: (فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا. .) [سُورَةُ طه ٨٦] .
(٥) ب: احْتِرَازَ.
(٦) ن، م: فَإِنَّمَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>