للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: ٢٠] .

فَإِذَا كَانَ عَرْضُ (١) الشَّيْطَانِ لَا يَقْدَحُ فِي نُبُوَّةِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - فَكَيْفَ يَقْدَحُ فِي إِمَامَةِ الْخُلَفَاءِ؟ !

وَإِنِ ادَّعَى مُدَّعٍ أَنَّ هَذِهِ النُّصُوصَ مُئَوَّلَةٌ.

قِيلَ لَهُ: فَيَجُوزُ لِغَيْرِكَ أَنْ يَتَأَوَّلَ قَوْلَ الصِّدِّيقِ، لِمَا ثَبَتَ بِالدَّلَائِلِ الْكَثِيرَةِ مِنْ إِيمَانِهِ وَعِلْمِهِ، وَتَقْوَاهُ وَوَرَعِهِ. فَإِذَا وَرَدَ لَفْظٌ مُجْمَلٌ يُعَارِضُ مَا عُلِمَ (٢) . وَجَبَ تَأْوِيلُهُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: " فَإِنَ اسْتَقَمْتُ فَأَعِينُونِي، وَإِنْ زُغْتُ فَقَوِّمُونِي "، فَهَذَا مِنْ كَمَالِ عَدْلِهِ وَتَقْوَاهُ، وَوَاجِبٌ عَلَى كُلِّ إِمَامٍ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ فِي ذَلِكَ، وَوَاجِبٌ عَلَى الرَّعِيَّةِ أَنْ تُعَامِلَ الْأَئِمَّةَ بِذَلِكَ، فَإِنِ اسْتَقَامَ الْإِمَامُ (٣) أَعَانُوهُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ زَاغَ وَأَخْطَأَ بَيَّنُوا لَهُ الصَّوَابَ وَدَلُّوهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَعَمَّدَ ظُلْمًا مَنَعُوهُ مِنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، فَإِذَا كَانَ مُنْقَادًا لِلْحَقِّ، كَأَبِي بَكْرٍ، فَلَا عُذْرَ لَهُمْ فِي تَرْكِ ذَلِكَ (٤) ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ دَفْعُ الظُّلْمِ إِلَّا بِمَا هُوَ أَعْظَمُ فَسَادًا مِنْهُ، لَمْ يَدْفَعُوا الشَّرَّ الْقَلِيلَ بِالشَّرِّ الْكَثِيرِ.


(١) ن، س: غَرَضُ.
(٢) ن، س، ب: مَا وَرَدَ.
(٣) الْإِمَامُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(٤) م: فَلَا عُذْرَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>