للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَلَّمَ - بِعَلِيٍّ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ، فَأَذَّنَ عَلِيٌّ مَعَنَا (١) فِي أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ بِبَرَاءَةَ، وَبِأَنْ (٢) لَا يَحُجَّ (* بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ» . قَالَ: فَنَبَذَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ، فَلَمْ يَحُجَّ *) (٣) عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ - الَّتِي حَجَّ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُشْرِكٌ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ (٤) : " وَمَا حَصَلَ فِي حَجَّةِ الصِّدِّيقِ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ فَضَائِلِهِ ; لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي خَطَبَ بِالنَّاسِ فِي ذَلِكَ الْمَوْسِمِ وَالْجَمْعِ الْعَظِيمِ، وَالنَّاسُ مُنْصِتُونَ لِخُطْبَتِهِ، يُصَلُّونَ خَلْفَهُ، وَعَلِيٌّ مِنْ جُمْلَتِهِمْ. وَفِي السُّورَةِ فَضْلُ أَبِي بَكْرٍ وَذِكْرُ الْغَارِ، فَقَرَأَهَا عَلِيٌّ عَلَى النَّاسِ، فَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَحُجَّةٌ قَاطِعَةٌ ".

وَتَأْمِيرُهُ لِأَبِي بَكْرٍ عَلَى عَلِيٍّ هَذَا كَانَ بَعْدَ قَوْلِهِ: " «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» ؟ " (٥) ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الرَّافِضِيَّ وَنَحْوَهُ مِنْ شُيُوخِ الرَّافِضَةِ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ بِأَحْوَالِ الرَّسُولِ وَسِيرَتِهِ وَأُمُورِهِ وَوَقَائِعِهِ، يَجْهَلُونَ مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ مُتَوَاتِرٌ مَعْلُومٌ لِمَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ بِالسِّيرَةِ، وَيَجِيئُونَ إِلَى مَا وَقَعَ فَيَقْبَلُونَهُ، وَيُزِيدُونَ فِيهِ وَيُنْقِصُونَ.

وَهَذَا الْقَدْرُ، وَإِنْ كَانَ الرَّافِضِيُّ لَمْ يَفْعَلْهُ، فَهُوَ فِعْلُ شُيُوخِهِ وَسَلَفِهِ


(١) ن، م: مَعَنَا عَلِيٌّ.
(٢) ن، س: بِأَنْ م: أَنْ.
(٣) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(٤) لَمْ أَجِدِ الْكَلَامَ التَّالِيَ بِنَصِّهِ فِيمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ كُتُبِ ابْنِ حَزْمٍ: الْفِصَلِ وَغَيْرِهِ، وَلَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ كَلَامًا مُقَارِبًا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْكَلَامِ التَّالِي فِي الْفِصَلِ ٤/٢٢٢.
(٥) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ١/٥٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>