للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ إِنَّ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ قَتَلَهُ قَتْلَ مُسْتَحِلٍّ لِقَتْلِهِ مُتَقَرِّبٍ إِلَى اللَّهِ بِقَتْلِهِ مُعْتَقِدًا فِيهِ أَقْبَحَ مِمَّا اعْتَقَدَهُ قَتَلَةُ عُثْمَانَ فِيهِ.

فَإِنَّ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى عُثْمَانَ لَمْ يَكُونُوا مُظْهِرِينَ لِكُفْرِهِ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَدَّعُونَ الظُّلْمَ وَأَمَّا الْخَوَارِجُ فَكَانُوا (١) يَجْهَرُونَ بِكُفْرِ عَلِيٍّ، وَهُمْ أَكْثَرُ مِنَ السَّرِيَّةِ الَّتِي قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ لِحِصَارِ عُثْمَانَ حَتَّى قُتِلَ.

فَإِنْ كَانَ هَذَا حُجَّةً فِي الْقَدْحِ فِي عُثْمَانَ كَانَ ذَلِكَ حُجَّةً فِي الْقَدْحِ فِي عَلِيٍّ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ كِلَيْهِمَا (٢) حُجَّةٌ بَاطِلَةٌ، لَكِنَّ الْقَادِحَ فِي عُثْمَانَ بِمَنْ قَتَلَهُ أَدْحَضُ حُجَّةً مِنَ الْقَادِحِ فِي عَلِيٍّ بِمَنْ قَاتَلَهُ، فَإِنَّ الْمُخَالِفِينَ لِعَلِيٍّ الْمُقَاتِلِينَ لَهُ كَانُوا أَضْعَافَ الْمُقَاتِلِينَ لِعُثْمَانَ، بَلِ الَّذِينَ قَاتَلُوا عَلِيًّا كَانُوا أَفْضَلَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الَّذِينَ حَاصَرُوا عُثْمَانَ وَقَتَلُوهُ، وَكَانَ فِي الْمُقَاتِلِينَ (٣) لِعَلِيٍّ أَهْلُ زُهْدٍ وَعِبَادَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ قَتَلَةُ عُثْمَانَ لَا فِي الدِّيَانَةِ وَلَا فِي إِظْهَارِ تَكْفِيرِهِ مِثْلَهُمْ، وَمَعَ هَذَا فَعَلِيٌّ خَلِيفَةٌ رَاشِدٌ وَالَّذِينَ اسْتَحَلُّوا دَمَهُ ظَالِمُونَ مُعْتَدُونَ فَعُثْمَانُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ عَلِيٍّ.

الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: قَدْ عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى مُبَايَعَةِ عُثْمَانَ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ بَيْعَتِهِ أَحَدٌ مَعَ أَنَّ بَيْعَةَ الصِّدِّيقِ تَخَلَّفَ عَنْهَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَمَاتَ وَلَمْ يُبَايِعْهُ وَلَا بَايَعَ عُمَرَ، وَمَاتَ فِي خِلَافَةِ


(١) ن، س: كَانُوا
(٢) ن، س: كِلَاهُمَا، وَهُوَ خَطَأٌ
(٣) س: الْقَاتِلِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>