للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِثْلَ قَوْلِهِ: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْجَمَاهِرْ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَهَاجِرْ، وَلَاتُطِعْ كُلَّ سَاحِرٍ (١) وَكَافِرْ.

وَمِثْلَ قَوْلِهِ: وَالطَّاحِنَاتِ طَحْنًا، وَالْعَاجِنَاتِ عَجْنًا، وَالْخَابِزَاتِ خُبْزًا، إِهَالَةً وَسَمْنًا إِنَّ الْأَرْضَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قُرَيْشٍ نِصْفَيْنِ، وَلَكِنَّ قُرَيْشًا قَوْمٌ لَا يَعْدِلُونَ. وَأَمْثَالَ هَذَا الْهَذَيَانِ.

وَلِهَذَا لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ بَنِي حَنِيفَةَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ قَتْلِ مُسَيْلِمَةَ طَلَبَ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُسْمِعُوهُ شَيْئًا مِنْ قُرْآنِ مُسَيْلِمَةَ، فَلَمَّا أَسْمَعُوهُ، قَالَ لَهُمْ: " وَيْحَكُمْ أَيْنَ يَذْهَبُ بِعُقُولِكُمْ؟ إِنَّ هَذَا كَلَامٌ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ إِلٍّ " أَيْ مِنْ رَبٍّ (٢) .

وَكَانَ مُسَيْلِمَةُ قَدْ كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ: " مِنْ مُسَيْلِمَةَ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ أُشْرِكْتُ (٣) فِي الْأَمْرِ مَعَكَ " فَكَتَبَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ. وَلَمَّا جَاءَ رَسُولُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا أَظْهَرَ أَحَدُ الرَّسُولَيْنِ الرِّدَّةَ


(١) ن: سَافِرٍ، م: مُسَافِرٍ
(٢) قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " النِّهَايَةِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ " " وَفِي حَدِيثِ الصِّدِّيقِ لَمَّا عُرِضَ عَلَيْهِ كَلَامُ مُسَيْلِمَةَ قَالَ: " إِنَّ هَذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ إِلٍّ " أَيْ مِنْ رُبُوبِيَّةٍ. وَالْإِلُّ بِالْكَسْرِ هُوَ اللَّهُ تَعَالِي، وَقِيلَ: الْإِلُّ: هُوَ الْأَصْلُ الْجَيِّدُ، أَيْ لَمْ يَجِئْ مِنَ الْأَصْلِ الَّذِي جَاءَ مِنْهُ الْقُرْآنُ. . "
(٣) س، ب: فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ أُشْرِكْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>