للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهَ؛ فَفِي الْحَقِيقَةِ لَا يُطَاعُ أَحَدٌ لِذَاتِهِ إِلَّا اللَّهُ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، وَلَهُ الْحُكْمُ وَلَيْسَ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ (١) طَاعَةُ الرَّسُولِ ; لِأَنَّ طَاعَتَهُ طَاعَةُ اللَّهِ وَوَجَبَتْ طَاعَةُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُجْتَمِعِينَ، لِأَنَّ طَاعَتَهُمْ طَاعَةُ اللَّهِ وَالرَّسُولِ. وَوَجَبَ تَحْكِيمُ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ تَحْكِيمُ (٢) الْأُمَّةِ، لِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ اللَّهِ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي» " (٣) .

وَقَدْ قَامَتِ الْأَدِلَّةُ (٤) الْكَثِيرَةُ عَلَى أَنَّ الْأُمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ، بَلْ مَا أَمَرَتْ بِهِ الْأُمَّةُ فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ.

وَالْأُمَّةُ أَمَرَتْ بِطَاعَةِ أَبِي بَكْرٍ فِي إِمَامَتِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَمَرَا بِذَلِكَ، فَمَنْ عَصَاهُ كَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.

وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُوَافِقًا لِلْحَقِّ، وَقَدْ يَكُونُ مُخَالِفًا لَهُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ، فَهَذَا قَدْحٌ فِي كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً، وَدَعْوَى أَنَّ الْأُمَّةَ قَدْ تَجْتَمِعُ عَلَى الضَّلَالَةِ وَالْخَطَأِ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنَ الرَّافِضَةِ الْمُوَافِقِينَ لِلنَّظَّامِ.

وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: كَوْنُ عَلِيٍّ إِمَامًا وَمَعْصُومًا (٥) وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأُصُولِ


(١) ب: وَجَبَ
(٢) م: حُكْمُ
(٣) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٤/٢٥٥
(٤) ن، م: الدَّلَالَةُ
(٥) ن، س، ب: إِمَامًا مَعْصُومًا

<<  <  ج: ص:  >  >>