للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَذْمُومًا لَكَانَ قَدْ رَتَّبَ الْوَعِيدَ عَلَى وَصْفَيْنِ: مَذْمُومٍ وَغَيْرِ مَذْمُومٍ وَهَذَا لَا يَجُوزُ.

وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [سُورَةُ الْفُرْقَانِ: ٦٨، ٦٩] فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنِ الْخِصَالِ الثَّلَاثَةِ مَذْمُومٌ شَرْعًا.

وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ قَدْ أَوْجَبُوا أَشْيَاءَ وَحَرَّمُوا أَشْيَاءَ فَخَالَفَهُمْ مُخَالِفٌ، وَقَالَ: إِنَّ مَا أَوْجَبُوهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَمَا حَرَّمُوهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ فَقَدِ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِسَبِيلِهِمِ اعْتِقَادَاتُهُمْ وَأَفْعَالُهُمْ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ مَذْمُومًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ سَبِيلُهُمْ صَوَابًا وَحَقًّا لَمْ يَكُنِ الْمُخَالِفُ لَهُمْ مَذْمُومًا.

وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: ٥٩] : فَجَعَلَ وُجُوبَ الرَّدِّ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ (١) مُعَلَّقًا (٢) بِالتَّنَازُعِ. وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ عَدِمَ عِنْدَ عَدَمِهِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ التَّنَازُعِ لَا يَجِبُ الرَّدُّ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ إِجْمَاعَهُمْ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى حَقٍّ وَصَوَابٍ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى بَاطِلٍ وَخَطَأٍ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُمْ وُجُوبُ الرَّدِّ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لَأَجْلِ بَاطِلِهِمْ وَخَطَئِهِمْ ; وَلِأَنَّ أَمْرَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حَقٌّ حَالَ إِجْمَاعِهِمْ


(١) (١ - ١) : سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(٢) س، ب: وَرَدَ مُعَلَّقًا. .

<<  <  ج: ص:  >  >>