للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَالنَّصُّ وَالْعَقْلُ دَلَّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ [تَعَالَى مَخْلُوقٌ] حَادِثٌ (١) كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ (٢) مِنْ حُدُوثِ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مَعَ كَوْنِ الْحَوَادِثِ مُتَعَاقِبَةً [حُدُوثُ النَّوْعِ] (٣) ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلِ الْفَاعِلُ الْمُتَكَلِّمُ مُعَطَّلًا عَنِ الْفِعْلِ (٤) وَالْكَلَامِ، ثُمَّ حَدَثَ ذَلِكَ بِلَا سَبَبٍ (٥) ، كَمَا لَمْ يَلْزَمْ [مِثْلُ] (٦) ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنَّ كُلَّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنَ الْمُسْتَقْبَلَاتِ الْمُنْقَضِيَةِ (٧) فَانٍ، وَلَيْسَ النَّوْعُ فَانِيًا. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [سُورَةُ الرَّعْدِ: ٣٥] ، وَقَالَ: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} [سُورَةُ ص: ٥٤] . فَالدَّائِمُ الَّذِي لَا يَنْفَدُ - أَيْ لَا يَنْقَضِي - هُوَ (٨) النَّوْعُ، وَإِلَّا فَكُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ نَافِدٌ مُنْقَضٍ لَيْسَ بِدَائِمٍ.

وَذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي تُوصَفُ بِهِ الْأَفْرَادُ إِذَا كَانَ لِمَعْنًى مَوْجُودٍ فِي الْجُمْلَةِ [وُصِفَتْ بِهِ الْجُمْلَةُ، مِثْلَ وَصْفِ كُلِّ فَرْدٍ بِوُجُودٍ أَوْ إِمْكَانٍ أَوْ بِعَدَمٍ، فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ وَصْفَ الْجُمْلَةِ] (٩) بِالْوُجُودِ وَالْإِمْكَانِ وَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّ طَبِيعَةَ الْجَمِيعِ هِيَ (١٠) طَبِيعَةُ كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ، وَلَيْسَ الْمَجْمُوعُ إِلَّا الْآحَادُ الْمُمْكِنَةُ أَوِ الْمَوْجُودَةُ أَوِ الْمَعْدُومَةُ.


(١) ن، م: كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ حَادِثٌ.
(٢) ن، م: لَا يَسْتَلْزِمُ.
(٣) عِبَارَةُ " حُدُوثُ النَّوْعِ " سَقَطَتْ مِنْ (ن) وَاخْتَلَفَ تَرْتِيبُهَا فِي الْجُمْلَةِ فِي (م) .
(٤) ن (فَقَطْ) : عَنِ الْعَقْلِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٥) ا، ب: بِالسَّبَبِ.
(٦) مِثْلُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٧) ن: الْمُقْتَضِيَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٨) ب (فَقَطْ) : هَذَا.
(٩) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م)
(١٠) هِيَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>