للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسِهِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُطِيعُهُ لَا يَعْصِيهِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُتَّبِعُ لِرَأْيِهِ (١) وَهَوَاهُ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ نَاصِرُهُ فَهُوَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ نَصْرِ اللَّهِ فَلَا يَضُرُّهُ مَا حَصَلَ؛ فَإِنَّ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَعُلُوِّ الدِّينِ مَا ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَانَ هَذَا فَتْحًا مُبِينًا فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ حُسْنَ مَا فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، بَلْ رَأَى ذَلِكَ ذُلًّا وَعَجْزًا وَغَضَاضَةً وَضَيْمًا.

وَلِهَذَا تَابَ الَّذِينَ عَارَضُوا ذَلِكَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَمَا فِي الْحَدِيثِ رُجُوعُ عُمَرَ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ اعْتَرَفَ بِخَطَئِهِ حَيْثُ قَالَ: " وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ " وَجَعَلَ رَأْيَهُمْ عِبْرَةً لِمَنْ بَعْدَهُمْ؛ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَّهِمُوا رَأْيَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ؛ فَإِنَّ الرَّأْيَ يَكُونُ خَطَأً، كَمَا كَانَ رَأْيُهُمْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ خَطَأً، وَكَذَلِكَ عَلَى الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ مَا أَمَرَهُ بِهِ، وَالَّذِينَ لَمْ يَفْعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ مِنَ الْحَلْقِ وَالنَّحْرِ حَتَّى فَعَلَ هُوَ ذَلِكَ قَدْ تَابُوا مِنْ ذَلِكَ وَاللَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ.

وَالْقِصَّةُ كَانَتْ عَظِيمَةً بَلَغَتْ مِنْهُمْ مَبْلَغًا عَظِيمًا لَا تَحْمِلُهُ عَامَّةُ النُّفُوسِ وَإِلَّا فَهُمْ (٢) خَيْرُ الْخَلْقِ، وَأَفْضَلُ النَّاسِ وَأَعْظَمُهُمْ عِلْمًا وَإِيمَانًا وَهُمُ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَقَدْ رَضِيَ [اللَّهُ] عَنْهُمْ (٣) وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ وَهُمُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.

وَالِاعْتِبَارُ فِي الْفَضَائِلِ بِكَمَالِ النِّهَايَةِ لَا بِنَقْصِ الْبِدَايَةِ، وَقَدْ قَصَّ اللَّهُ


(١) ن، س: بِرَأْيِهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٢) س: إِلَّا فَهُمْ، ب: إِلَّا مَنْ هُمْ. . .
(٣) ن، م: وَقَدْ رَضِيَ عَنْهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>