للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُبَرَّزٌ فِي ذَلِكَ عَلَى سَائِرِهِمْ تَبْرِيزًا بَايَنَهُمْ فِيهِ مُبَايِنَةً لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ كَانَ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِأَحْوَالِ الْقَوْمِ وَمَنْ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ.

وَأَمَّا نَفْعُهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُعَاوَنَتُهُ لَهُ عَلَى الدِّينِ فَكَذَلِكَ.

فَهَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي هِيَ مَقَاصِدُ الصُّحْبَةِ وَمَحَامِدُهَا الَّتِي بِهَا يَسْتَحِقُّ الصَّحَابَةُ (١) أَنْ يُفَضَّلُوا بِهَا عَلَى غَيْرِهِمْ لِأَبِي بَكْرٍ فِيهَا مِنْ الِاخْتِصَاصِ بِقَدْرِهَا وَنَوْعِهَا وَصِفَتِهَا وَفَائِدَتِهَا مَا لَا يَشْرَكُهُ فِيهِ أَحَدٌ.

وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطُرُقِ ثَوْبِهِ حَتَّى أُبْدِيَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ فَسَلِمَ "، وَقَالَ: إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ، ثُمَّ نَدِمْتُ فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ (٢) ، فَقَالَ: " يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ " ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلَ أَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ؟ قَالُوا: لَا، فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَمَعَّرُ حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ. مَرَّتَيْنِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ. وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي ". مَرَّتَيْنِ. فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا» (٣) .


(١) م: الَّتِي بِهَا يَسْتَحِقُّ الصُّحْبَةَ، ب: وَيَسْتَحِقُّ الصَّحَابَةُ، ن، س: تَسْتَحِقُّ الصِّيَانَةَ وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا آتِيهِ.
(٢) ن، م، س: فَأَقْبَلْتُ إِلَيْهِ.
(٣) سِيقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٧/٢٢٨ - ٢٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>