للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُمْكِنًا، كَالْعِلْمِ مَعَ الْحَيَاةِ، فَإِنَّهُ وَحْدَهُ مُمْتَنَعٌ وَمَعَ الْحَيَاةِ مُمْكِنٌ. وَكَذَلِكَ أَحَدُ الضِّدَّيْنِ هُوَ وَحْدَهُ مُمْكِنٌ وَمَعَ الْآخَرِ مُمْتَنَعٌ اجْتِمَاعُهُمَا، فَالْمُتَلَازِمَانِ يُمْتَنَعُ انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا، وَالْمُتَضَادَّانِ يُمْتَنَعُ اجْتِمَاعُهُمَا.

وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ الْفَرْقُ بَيْنَ دَوَامِ الْآثَارِ الْحَادِثَةِ الْفَانِيَةِ وَاتِّصَالِهَا، وَبَيْنَ وُجُودِ عِلَلٍ وَمَعْلُولَاتٍ مُمْكِنَةٍ لَا نِهَايَةَ لَهَا. فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ سَوَّى بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ فِي الِامْتِنَاعِ، كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ التَّأْثِيرَ وَاحِدٌ فِي الْإِمْكَانِ وَالِامْتِنَاعِ، ثُمَّ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ امْتِنَاعُ عِلَلٍ وَمَعْلُولَاتٍ لَا تَتَنَاهَى، وَظَنَّ أَنَّ هَذَا مَوْضِعٌ (١) مُشْكِلٌ لَا يَقُومُ عَلَى امْتِنَاعِهِ حُجَّةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَوْلًا لِأَحَدٍ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْآمِدِيُّ فِي " رُمُوزِ الْكُنُوزِ " (٢) . وَالْأَبْهَرِيُّ (٣) [وَمَنِ اتَّبَعَهُمَا] (٤) .

وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ حَاصِلٌ، فَإِنَّ الْحَادِثَ الْمُعَيَّنَ إِذَا ضُمَّ إِلَى الْحَادِثِ الْمُعَيَّنِ، حَصَلَ مِنَ الدَّوَامِ وَالِامْتِدَادِ وَبَقَاءِ النَّوْعِ مَا لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا لِلْأَفْرَادِ، فَإِذَا كَانَ الْمَجْمُوعُ طَوِيلًا وَمَدِيدًا وَدَائِمًا وَكَثِيرًا وَعَظِيمًا، لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ كُلُّ فَرْدٍ طَوِيلًا وَمَدِيدًا وَدَائِمًا وَكَثِيرًا وَعَظِيمًا. وَأَمَّا الْعِلَلُ وَالْمَعْلُولَاتُ الْمُتَسَلْسِلَةُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُمْكِنٌ، وَبِانْضِمَامِهِ إِلَى الْآخَرِ لَا يَخْرُجُ عَنِ الْإِمْكَانِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَعْدُومٌ، وَبِانْضِمَامِهِ إِلَى الْآخَرِ لَا يَخْرُجُ


(١) مَوْضِعُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ا) ، (ب) .
(٢) سَبَقَتْ تَرْجَمَةُ الْآمِدِيِّ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص ٢٤٨. وَانْظُرْ فِي تَرْجَمَتِهِ أَيْضًا: مِيزَانَ الِاعْتِدَالِ ١/٣٤٩؛ لِسَانَ الْمِيزَانِ ٣/١٣٤ - ١٣٥؛ مِرْآةَ الْجِنَانِ لِلْيَافِعِيِّ ٤؛ مِفْتَاحَ السَّعَادَةِ لِطَاشْ كُبْرَى زَادَهْ ٢/٤٩ brock: gal gi. ٣٩٣، si، ٦٧٨
(٣) سَبَقَتْ تَرْجَمَةُ الْأَبْهَرِيِّ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص ٢٢٠.
(٤) وَمَنِ اتَّبَعَهُمَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>