للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُسْتَغْنِيًا عَنْهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ (١) لِكَمَالِ طُمَأْنِينَتِهِ بِخِلَافِ إِنْزَالِهَا يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَإِنَّهُ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا لِانْهِزَامِ جُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَإِقْبَالِ الْعَدُوِّ نَحْوَهُ (٢) وَسَوْقِهِ بِبَغْلَتِهِ إِلَى الْعَدُوِّ.

وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ الضَّمِيرُ عَائِدًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا عَادَ الضَّمِيرُ إِلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ٤٠] ; وَلِأَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ كَانَ فِي ذِكْرِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ صَاحِبِهِ ضِمْنًا وَتَبَعًا.

لَكِنْ يُقَالُ: عَلَى هَذَا لَمَّا قَالَ لِصَاحِبِهِ (٣) : {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمَتْبُوعُ الْمُطَاعُ، وَأَبُو بَكْرٍ تَابِعٌ مُطِيعٌ، وَهُوَ صَاحِبُهُ وَاللَّهُ مَعَهُمَا، فَإِذَا حَصَلَ (٤) لِلْمَتْبُوعِ فِي هَذِهِ الْحَالِ سَكِينَةٌ وَتَأْيِيدٌ كَانَ ذَلِكَ لِلتَّابِعِ أَيْضًا بِحُكْمِ الْحَالِ فَإِنَّهُ صَاحِبٌ تَابِعٌ لَازِمٌ، وَلَمْ يَحْتَجْ أَنْ يُذْكَرَ هَنَا أَبُو بَكْرٍ لِكَمَالِ الْمُلَازِمَةِ وَالْمُصَاحِبَةِ الَّتِي تُوجِبُ مُشَارَكَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّأْيِيدِ.

بِخِلَافِ حَالِ الْمُنْهَزِمِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى نُزُولِ السَّكِينَةِ عَلَيْهِمْ لِكَوْنِهِمْ بِانْهِزَامِهِمْ فَارَقُوا الرَّسُولَ، وَلِكَوْنِهِمْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمْ مِنَ الصُّحْبَةِ الْمُطْلَقَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْمُلَازَمَةِ مَا ثَبَتَ لِأَبِي بَكْرٍ.


(١) الْحَالُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(٢) م: وَقِتَالِ الْعَدُوِّ بِحَدِّهِ
(٣) ن، م، س: لَمَّا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ.
(٤) ن، م: فَإِذَا يَحْصُلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>