للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَيْفَ (١) لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " «مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ كَمَالِ أَبِي بَكْرٍ» " (٢) فَقَدْ نَفَى عَنْ جَمِيعِ [مَالِ] (٣) الْأُمَّةِ أَنْ يَنْفَعَهُ كَنَفْعِ مَالِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَيْفَ تَكُونُ تِلْكَ الْأَمْوَالُ (٤) الْمَفْضُولَةُ دَخَلَتْ فِي الْآيَةِ وَالْمَالُ الَّذِي هُوَ أَنْفَعُ الْأَمْوَالِ لَهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا؟ ! .

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْأَتْقَى هُوَ الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ [يَتَزَكَّى] (٥) ، وَأَكْرَمُ الْخَلْقِ أَتْقَاهُمْ، كَانَ هَذَا أَفْضَلُ النَّاسِ وَالْقَوْلَانِ الْمَشْهُورَانِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ أَفْضَلَ الْخَلْقِ أَبُو بَكْرٍ، وَقَوْلُ الشِّيعَةِ عَلِيٌّ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْأَتْقَى الَّذِي هُوَ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ وَاحِدًا غَيْرَهُمَا، وَلَيْسَ مِنْهُمَا (٦) وَاحِدٌ يَدْخُلُ فِي الْأَتْقَى، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ أَحَدِهِمَا فِي الْأَتْقَى وَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ دَاخِلًا فِي الْآيَةِ وَيَكُونُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ عَلِيٍّ لِأَسْبَابٍ:

أَحَدُهَا أَنَّهُ قَالَ: {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} [سُورَةُ اللَّيْلِ: ١٨] وَقَدْ ثَبَتَ فِي النَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَنْفَقَ مَالَهُ، وَأَنَّهُ مُقَدَّمٌ فِي ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ عَاصِبًا رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ


(١) س، ب: فَكَيْفَ
(٢) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٥/٢١
(٣) مَالِ: زِيَادَةٌ فِي (ب)
(٤) س، ب: الْأُمُورُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٥) يَتَزَكَّى: زِيَادَةٌ فِي (م) .
(٦) ن، م، س: فِيهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>