للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِمْ خَلْقٌ لَمْ يُقَاتِلُوهُ أَلْبَتَّةَ، بَلْ تَرَكُوا قِتَالَهُ فَلَمْ يُقَاتِلُوهُ وَلَمْ يُقَاتِلُوا مَعَهُ، فَكَانُوا صِنْفًا ثَالِثًا: لَا قَاتَلُوهُ (١) وَلَا قَاتَلُوا مَعَهُ وَلَا أَطَاعُوهُ، وَكُلُّهُمْ مُسْلِمُونَ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى إِسْلَامِهِمُ الْقُرْآنُ وَالسَّنَةُ وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ.

قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: ٩] ، فَوَصَفَهُمْ بِالْإِيمَانِ مَعَ الِاقْتِتَالِ وَالْبَغْيِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ إِخْوَةٌ (٢) وَأَنَّ الْأُخُوَّةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ لَا بَيْنَ مُؤْمِنٍ وَكَافِرٍ.

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْحَسَنِ: " «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» " (٣) فَأَصْلَحَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ عَسْكَرِ عَلِيٍّ وَعَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ كِلَيْهِمَا مُسْلِمُونَ وَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْإِصْلَاحَ بَيْنَهُمَا، وَيُثْنِي عَلَى (٤) مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا فَعَلَهُ الْحَسَنُ كَانَ رِضًى لِلَّهِ وَرَسُولِهِ (٥) ، وَلَوْ كَانَ الْقِتَالُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ رِضًى لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ.

وَأَيْضًا فَالنَّقْلُ الْمُتَوَاتِرُ عَنِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ حَكَمُوا فِي الطَّائِفَتَيْنِ


(١) ن، م: لَا قَاتَلُوا.
(٢) ن، س: وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ إِخْوَةٌ.
(٣) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ١/٥٣٩ - ٥٤٠.
(٤) س: وَبَيْنَ عَلِيٍّ، ب. وَأَثْنَى عَلَى.
(٥) ن، س: رِضَا اللَّهِ وَرَسُولِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>