للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَجَعَلُوا لَهُ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ " (١) .

وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ: أَوَّلًا: مِنْ أَعْظَمِ الظُّلْمِ وَالْبُهْتَانِ أَنْ يُنْكِرَ الرَّجُلُ مَا تَوَاتَرَ بِهِ النَّقْلُ وَشَاعَ بَيْنَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، وَامْتَلَأَتْ بِهِ الْكُتُبُ: كُتُبُ الْحَدِيثِ الصِّحَاحِ وَالْمَسَانِدِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْفِقْهِ وَالْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي أَخْبَارِالْقَوْمِ وَفَضَائِلِهِمْ، ثُمَّ يَدَّعِي شَيْئًا مِنَ الْمَنْقُولَاتِ الَّتِي لَا تُعْلَمُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ، وَلَا يَنْقُلُهُ بِإِسْنَادٍ مَعْرُوفٍ وَلَا إِلَى كِتَابٍ (٢) يَعْرِفُهُ يُوثَقُ بِهِ، وَلَا يَذْكُرُ مَا قَالَهُ، فَلَوْ قَدَّرْنَا أَنَّهُ نَاظَرَ أَجْهَلَ الْخَلْقِ لَأَمْكَنَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: بَلِ الَّذِي ذَكَرْتَ هُوَ الْكَذِبُ وَالَّذِي قَالَهُ مُنَازِعُوكَ هُوَ الصِّدْقُ فَكَيْفَ تُخْبِرُ عَنْ أَمْرٍ كَانَ بِلَا حُجَّةٍ أَصْلًا، وَلَا نَقْلٍ يُعْرَفُ بِهِ ذَلِكَ؟ وَمَنِ الَّذِي نَقَلَ مِنَ الثِّقَاتِ مَا ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ؟ .

ثُمَّ يُقَالُ: أَمَّا إِنْفَاقٌ أَبِي بَكْرٍ مَالَهُ، فَمُتَوَاتِرٌ مَنْقُولٌ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ حَتَّى قَالَ: " «مَا نَفَعَنِي مَالٌ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ» " (٣) ، وَقَالَ: " «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيْنَا فِي صُحْبَتِهِ وَذَاتِ يَدِهِ أَبُو بَكْرٍ» " (٤) ، وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ اشْتَرَى الْمُعَذَّبِينَ مِنْ مَالِهِ: بِلَالًا وَعَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ اشْتَرَى سَبْعَةَ أَنْفُسٍ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: " إِنَّ أَبَاهُ كَانَ يُنَادِي عَلَى مَائِدَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ.

فَهَذَا لَمْ يَذْكُرْ لَهُ إِسْنَادًا يُعْرَفُ بِهِ صِحَّتَهُ، وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ يَضُرَّ، فَإِنَّ هَذَا


(١) ك مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ
(٢) ب: يُعْرَفُ
(٣) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٥/٢١
(٤) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ ١/٥١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>