للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ تَعَالَى: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} [سُورَةُ هُودٍ: ٢٧] وَقَالَ عَنْ قَوْمِ صَالِحٍ: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ - قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: ٧٥، ٧٦] .

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ هِرَقْلَ سَأَلَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قَالَ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، قَالَ: هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ» (١) .

فَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ الصِّدِّيقَ كَانَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ كَعَمَّارٍ وَصُهَيْبٍ وَبِلَالٍ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي كَمَالِ إِيمَانِهِ وَتَقْوَاهُ، كَمَا لَمْ يَقْدَحْ فِي إِيمَانِ هَؤُلَاءِ وَتَقْوَاهُمْ، وَأَكْمَلُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ.

وَلَكِنَّ كَلَامَ الرَّافِضَةِ مِنْ جِنْسِ كَلَامِ الْمُشْرِكِينَ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَعَصَّبُونَ لِلنَّسَبِ وَالْآبَاءِ لَا لِلدِّينِ، وَيَعِيبُونَ الْإِنْسَانَ بِمَا لَا يَنْقُضُ إِيمَانَهُ وَتَقْوَاهُ، وَكُلُّ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَلِهَذَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ ظَاهِرَةً عَلَيْهِمْ فَهُمْ يُشْبِهُونَ الْكُفَّارَ مِنْ وُجُوهٍ خَالَفُوا بِهَا أَهْلَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ.

وَقَوْلُهُ: " إِنَّ الصِّدِّيقَ كَانَ خَيَّاطًا فِي الْإِسْلَامِ وَلَمَّا وَلِيَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ مَنَعَهُ النَّاسُ عَنِ الْخِيَاطَةِ ".

كَذِبٌ ظَاهِرٌ، يَعْرِفُ كُلُّ أَحَدٍ أَنَّهُ كَذِبٌ، وَإِنْ كَانَ لَا غَضَاضَةَ فِيهِ لَوْ


(١) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ٤/٤٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>