للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" مِثْلُكَ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ " (١) .

وَلَمْ يُعْلَمْ أَحَدٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ (٢) عَابَ أَبَا بَكْرٍ بِعَيْبٍ، وَلَا نَقَصَهُ وَلَا اسْتَرْذَلَهُ، كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِضُعَفَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَهُمْ عَيْبٌ (٣) إِلَّا إِيمَانَهُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، كَمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ قَطُّ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ قُرَيْشٍ وَلَا نَقْصٌ وَلَا يَذُمُّونَهُ بِشَيْءٍ قَطُّ، بَلْ كَانَ مُعَظَّمًا عِنْدَهُمْ بَيْتًا وَنَسَبًا مَعْرُوفًا بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ، وَكَذَلِكَ صِدِّيقُهُ الْأَكْبَرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَيْبٌ عِنْدَهُمْ مِنَ الْعُيُوبِ.

وَابْنُ الدَّغِنَّةِ سَيِّدُ الْقَارَةِ إِحْدَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ كَانَ مُعَظَّمًا عِنْدَ قُرَيْشٍ يُجِيرُونَ مَنْ أَجَارَهُ لِعَظَمَتِهِ عِنْدَهُمْ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لِمَا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ مُهَاجِرًا إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَّةِ، وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ وَأَعْبُدُ رَبِّي، فَقَالَ ابْنُ الدَّغِنَّةِ: فَإِنَّ مِثْلَكَ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ، إِنَّكَ تُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَأَنَا لَكَ جَارٌ فَارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَّةِ، فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَّةِ عَشِيَّةً فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ وَلَا يُخْرَجُ، أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ


(١) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ قَبْلَ صَفَحَاتٍ فِي هَذَا الْجُزْءِ.
(٢) وَغَيْرِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .
(٣) ن: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَيْبٌ عِنْدَهُمْ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>