للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِعِبَادِهِ بَلْ مَا هُوَ الْفَسَادُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ (١) الْمَعَاصِي وَأَنْوَاعِ الْكُفْرِ وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ الْوَاقِعَةِ فِي الْعَالَمِ مُسْنَدَةٌ إِلَيْهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ.

يُقَالُ: هَذَا الْكَلَامُ وَإِنْ قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ مُتَكَلِّمِي أَهْلِ الْإِثْبَاتِ، فَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ مُتَكَلِّمِي الشِّيعَةِ أَيْضًا. وَأَئِمَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَجُمْهُورُهُمْ لَا يَقُولُونَ مَا ذُكِرَ، بَلِ الَّذِي (٢) يَقُولُونَهُ: إِنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ، وَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ مُلْكِهِ وَخَلْقِهِ وَقُدْرَتِهِ شَيْءٌ، وَقَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ جَمِيعُ أَفْعَالِ الْحَيَوَانِ، فَهُوَ خَالِقٌ لِعِبَادَاتِ الْمَلَائِكَةِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَسَائِرِ حَرَكَاتِ الْعِبَادِ.

وَالْقَدَرِيَّةُ يَنْفُونَ عَنْ مُلْكِهِ خِيَارَ مَا فِي مُلْكِهِ، وَهُوَ طَاعَةُ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ (٣) فَيَقُولُونَ: لَمْ يَخْلُقْهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَبْدَ فِيهَا، وَلَا يُلْهِمَهُ إِيَّاهَا، وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَجْعَلَ مَنْ لَمْ يَفْعَلْهَا فَاعِلًا لَهَا.

وَقَدْ قَالَ الْخَلِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ١٢٨] فَطَلَبَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَجْعَلَهُ مُسْلِمًا لِلَّهِ (٤) وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ أُمَّةً مُسْلِمَةً لَهُ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَجْعَلُ الْفَاعِلَ فَاعِلًا. وَقَالَ: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: ٤٠] ، فَقَدْ طَلَبَ مِنَ اللَّهِ [تَعَالَى] أَنْ (٥) \ ٣ ٤٦١ ٣ يَجْعَلَهُ مُقِيمَ الصَّلَاةِ، فَعُلِمَ


(١) ن، م، أ، ب: كَفِعْلِ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتَهُ، وَهُوَ مَا جَاءَ مِنْ قَبْلُ (ص ١٢٥) وَمَا ذُكِرَ فِي " مِنْهَاجِ الْكَرَامَةِ ".
(٢) أ، ب: الَّذِينَ. وَهُوَ خَطَأٌ.
(٣) أ، ب: الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْمُؤْمِنِينَ.
(٤) لِلَّهِ: لَيْسَتْ فِي (أ) ، (ب) .
(٥) ن، م: فَطَلَبَ مِنَ اللَّهِ أَنْ. . .

<<  <  ج: ص:  >  >>