للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ الرَّافِضَةُ غَلَوْا فِي الرُّسُلِ، بَلْ فِي الْأَئِمَّةِ، حَتَّى اتَّخَذُوهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَتَرَكُوا عِبَادَةَ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الَّتِي أَمَرَهُمْ بِهَا الرُّسُلُ، وَكَذَّبُوا الرَّسُولَ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ (١) مِنْ تَوْبَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَاسْتِغْفَارِهِمْ، فَتَجِدُهُمْ يُعَطِّلُونَ الْمَسَاجِدَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، فَلَا يُصَلُّونَ فِيهَا جُمْعَةً وَلَا جَمَاعَةً، وَلَيْسَ لَهَا عِنْدَهُمْ كَبِيرُ (٢) حُرْمَةٍ، وَإِنْ صَلَّوْا فِيهَا صَلَّوْا فِيهَا وُحْدَانًا، وَيُعَظِّمُونَ الْمَشَاهِدَ الْمَبْنِيَّةَ (٣) عَلَى الْقُبُورِ فَيَعْكُفُونَ عَلَيْهَا مُشَابَهَةً لِلْمُشْرِكِينَ، وَيَحُجُّونَ إِلَيْهَا كَمَا يَحُجُّ الْحَاجُّ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الْحَجَّ إِلَيْهَا أَعْظَمَ مِنَ الْحَجِّ إِلَى الْكَعْبَةِ، بَلْ يَسُبُّونَ مَنْ لَا يَسْتَغْنِي بِالْحَجِّ إِلَيْهَا عَنِ الْحَجِّ الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَمَنْ لَا يَسْتَغْنِي بِهَا عَنِ الْجُمْعَةِ وَالْجَمَاعَةِ.

وَهَذَا مِنْ جِنْسِ دِينِ النَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يُفَضِّلُونَ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ عَلَى عِبَادَةِ الرَّحْمَنِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» " (٤) . وَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ: «إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا


(١) ن، م: الرُّسُلَ فِيمَا أَخْبَرُوا بِهِ.
(٢) ن، م: كَثِيرُ.
(٣) ن، م: الْميلَامه، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٤) يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا ن، م: مَا صَنَعُوا. وَالْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ يَسِيرٍ فِي اللَّفْظِ - عَنْ عَائِشَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي الْبُخَارِيِّ ١/٩١ (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَامَةِ. .) . وَهُوَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي الْبُخَارِيِّ ٢/٨٨ (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ) ٢/٨٨، ١٠٢ - ١٠٣ (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. .) ؛ مُسْلِمٍ ١/٣٧٦ ٣٧٧ (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ فِيهَا، بَابُ النَّهْيِ عَنْ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ. .) ؛ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ٣/٢٩٤ (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابٌ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْقَبْرِ) ؛ سُنَنِ النَّسَائِيِّ ٢/٣٣ (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ، بَابُ النَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ) ، ٥/٧٨ (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ اتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ) . وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ الدَّارِمِيِّ وَفِي الْمُوَطَّأِ وَفِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ج [٠ - ٩] حَدِيثٌ رَقْمُ ١٨٨٤، ج [٠ - ٩] ٤ حَدِيثٌ رَقْمُ ٧٨١٨ وَفِي مَوَاضِعَ أُخْرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>