للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ وَالنَّصَارَى ضَالُّونَ» (١) ". وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُودَ عَرَفُوا الْحَقَّ وَلَمْ يَتَّبِعُوهُ اسْتِكْبَارًا وَحَسَدًا وَغُلُوًّا وَاتِّبَاعًا لِلْهَوَى، وَهَذَا هُوَ الْغَيُّ، وَالنَّصَارَى لَيْسَ لَهُمْ عِلْمٌ بِمَا يَفْعَلُونَهُ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالزُّهْدِ وَالْأَخْلَاقِ، بَلْ فِيهِمُ الْجَهْلُ وَالْغُلُوُّ وَالْبِدَعُ وَالشِّرْكُ جَهْلًا مِنْهُمْ، وَهَذَا هُوَ الضَّلَالُ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنَ الْأُمَّتَيْنِ فِيهِ ضَلَالٌ وَغَيٌّ، لَكِنَّ الْغَيَّ أَغْلَبُ عَلَى الْيَهُودِ، وَالضَّلَالَ أَغْلَبُ عَلَى النَّصَارَى.

وَلِهَذَا وَصَفَ اللَّهُ الْيَهُودَ بِالْكِبْرِ وَالْحَسَدِ، وَاتِّبَاعِ الْهَوَى وَالْغَيِّ وَإِرَادَةِ الْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ (٢) وَالْفَسَادِ. قَالَ تَعَالَى: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} ، [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٨٧] ، وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ، [سُورَةُ النِّسَاءِ: ٥٤] ، وَقَالَ: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا}


(١) الْحَدِيثُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ فِي مَوْضِعَيْنِ ٤/٢٧١، ٢٧٢ (كِتَابُ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، بَابُ: وَمِنْ سُورَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ) وَأَوَّلُهُ فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ. الْحَدِيثَ وَلَفْظَهُ: " فَإِنَّ الْيَهُودَ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ وَإِنَّ النَّصَارَى ضُلَّالٌ " وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَرَوَى شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَدِيثَ بِطُولِهِ " وَالْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) ٤/٣٧٨ وَفِيهِ: " إِنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمُ الْيَهُودُ وَإِنَّ الضَّالِّينَ النَّصَارَى. . " وَذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) وَذَكَرَ رِوَايَاتٍ أُخْرَى، وَقَدْ خَرَّجَهَا الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِر - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَصَحَّحَ أَكْثَرُهَا. انْظُرِ التَّفْسِيرَ (ط. الْمَعَارِفِ) ١/١٨٥ - ١٨٨ ١٩٣ - ١٩٥.
(٢) فِي الْأَرْضِ: سَاقِطَةٌ مِنْ أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>