للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُقَالُ لَهُ] (١) : أَهْلُ السُّنَّةِ أَحَقُّ بِتَنْزِيهِهِ عَنْ مُشَابَهَةِ الْمَخْلُوقَاتِ مِنَ الشِّيعَةِ، فَإِنَّ التَّشْبِيهَ وَالتَّجْسِيمَ الْمُخَالِفَ لِلْعَقْلِ وَالنَّقْلِ لَا يُعْرَفُ فِي أَحَدٍ مِنْ طَوَائِفِ الْأُمَّةِ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي طَوَائِفِ الشِّيعَةِ، وَهَذِهِ كُتُبُ الْمَقَالَاتِ كُلُّهَا تُخْبِرُ عَنْ أَئِمَّةِ الشِّيعَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْمَقَالَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِلْعَقْلِ وَالنَّقْلِ فِي التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ بِمَا لَا يُعْرَفُ نَظِيرُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ سَائِرِ الطَّوَائِفِ، ثُمَّ قُدَمَاءُ الْإِمَامِيَّةِ وَمُتَأَخِّرُوهُمْ مُتَنَاقِضُونَ فِي هَذَا الْبَابِ، فَقُدَمَاؤُهُمْ غَلَوْا فِي التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ، وَمُتَأَخِّرُوهُمْ غَلَوْا فِي النَّفْيِ وَالتَّعْطِيلِ، فَشَارَكُوا فِي ذَلِكَ الْجَهْمِيَّةَ وَالْمُعْتَزِلَةَ دُونَ سَائِرِ طَوَائِفِ الْأُمَّةِ.

وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ الْمُثْبِتُونَ لِخِلَافَةِ الثَّلَاثَةِ، فَجَمِيعُ أَئِمَّتِهِمْ وَطَوَائِفِهِمُ الْمَشْهُورَةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى نَفْيِ التَّمْثِيلِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالَّذِينَ أَطْلَقُوا لَفْظَ " الْجِسْمِ " عَلَى اللَّهِ مِنَ الطَّوَائِفِ الْمُثْبِتِينَ لِخِلَافَةِ الثَّلَاثَةِ كَالْكَرَّامِيَّةِ، هُمْ أَقْرَبُ إِلَى صَحِيحِ الْمَنْقُولِ وَصَرِيحِ الْمَعْقُولِ مِنَ الَّذِينَ أَطْلَقُوا لَفْظَ " الْجِسْمِ " مِنَ الْإِمَامِيَّةِ.

وَقَدْ ذَكَرَ أَقْوَالَ الْإِمَامِيَّةِ فِي ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (٢) وَمِنْ غَيْرِهِمْ، كَمَا


(١) يُوجَدُ فِي الْكَلَامِ التَّالِي سَقْطٌ كَبِيرٌ فِي نُسْخَةِ " ن "، " م " يَبْدَأُ مِنْ قَوْلِهِ: أَهْلُ السُّنَّةِ أَحَقُّ بِتَنْزِيهِهِ، وَيَنْتَهِي فِي ص ١١٠ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ، وَسَنُشِيرُ إِلَى نِهَايَةِ السَّقْطِ هُنَاكُ بِإِذْنِ اللَّهِ.
(٢) يَعْتَرِفُ الْمَامِقَانِيُّ فِي تَرْجَمَةِ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ (تَنْقِيحِ الْمَقَالِ ٣/٢٩٤ - ٣٠١) بِكَثْرَةِ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ هِشَامٍ فِي التَّجْسِيمِ حَتَّى أَنَّ الْكِلِّينِيَّ ذَكَرَ خَمْسَةً مِنْهَا فِي " الْكَافِي " وَيَنْقُلُ الْمَامِقَانِيُّ عَنْ هِشَامٍ نَصَّ خَبَرٍ مِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الْخَمْسَةِ (ص [٠ - ٩] ٠٠) وَفِيهِ يَقُولُ هِشَامٌ: " إِنَّ اللَّهَ جِسْمٌ صَمَدِيٌّ نُورِيٌّ " كَمَا يَنْقُلُ عَنِ الْبَرْقِيِّ قَوْلَهُ إِنَّ هِشَامًا كَانَ مِنْ غِلْمَانِ أَبِي شَاكِرٍ (الدِّيصَانِيِّ) الزِّنْدِيقِ وَأَنَّهُ كَانَ جِسْمِيًّا رَدِيئًا. وَفِي (أَخْبَارِ الرِّجَالِ) لِلْكَشِّيِّ فِي تَرْجَمَةِ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ الْجَوَالِيقِيِّ (ص [٠ - ٩] ٨٣) أَنَّهُ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ صُورَةٌ وَأَنَّ آدَمَ خُلِقَ عَلَى مِثْلِ الرَّبِّ ثُمَّ يُشِيرُ إِلَى جَنْبِهِ وَشَعَرِ رَأْسِهِ لِيُبَيِّنَ الْمُمَاثَلَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>