للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّجْسِيمِ وَالتَّشْبِيهِ، مَا لَا يُعْرَفُ مِثْلُهُ عَنِ الْكَرَّامِيَّةِ وَأَتْبَاعِهِمْ مِمَّنْ يُثْبِتُ إِمَامَةَ الثَّلَاثَةِ.

وَأَمَّا مَنْ لَا يُطْلِقُ عَلَى اللَّهِ اسْمَ " الْجِسْمِ "، كَأَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْفِقْهِ، مِثْلِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَأَتْبَاعِهِمْ، وَشُيُوخِ الْمُسْلِمِينَ الْمَشْهُورِينَ فِي الْأُمَّةِ، وَمَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، فَهَؤُلَاءِ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ جِسْمٌ، وَإِنْ كَانَ أَيْضًا لَيْسَ مِنَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ مَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِجِسْمٍ. وَلَكِنَّ مَنْ نَسَبَ التَّجْسِيمَ إِلَى بَعْضِهِمْ، فَهُوَ بِحَسَبَ مَا اعْتَقَدَهُ مِنْ مَعْنَى الْجِسْمِ وَرَآهُ لَازِمًا لِغَيْرِهِ.

فَالْمُعْتَزِلَةُ وَالْجَهْمِيَّةُ وَنَحْوُهُمْ مِنْ نُفَاةِ الصِّفَاتِ يَجْعَلُونَ كُلَّ مَنْ أَثْبَتَهَا مُجَسِّمًا مُشَبِّهًا، وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَعُدُّ مِنَ الْمُجَسِّمَةِ وَالْمُشَبِّهَةِ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِمْ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو حَاتِمٍ صَاحِبُ كِتَابِ " الزِّينَةِ " (١) ، وَغَيْرُهُ لَمَّا ذَكَرَ طَوَائِفَ الْمُشَبِّهَةِ


(١) أَبُو حَاتِمٍ أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ بْنِ أَحْمَدَ اللَّيْثِيُّ الْوَرْسَنَانِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي " لِسَانِ الْمِيزَانِ " فِي قِسْمِ الْكُنَى، وَسَمَّاهُ أَبَا حَاتِمٍ الْكُشِّيَّ وَذَكَرَهُ فِي الْأَسْمَاءِ وَسَمَّاهُ: أَحْمَدَ بْنَ حَمْدَانَ بْنِ أَحْمَدَ الْوَرْسَامِيَّ أَبَا حَاتِمٍ اللَّيْثِيَّ، وَقَالَ عَنْهُ: " ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَابَوَيْهِ فِي " تَارِيخِ الرَّيِّ " وَقَالَ: كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْأَدَبِ وَالْمَعْرِفَةِ بِاللُّغَةِ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ كَثِيرًا وَلَهُ تَصَانِيفُ، ثُمَّ أَظْهَرَ الْقَوْلَ بِالْإِلْحَادِ وَصَارَ مِنْ دُعَاةِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، وَأَضَلَّ جَمَاعَةً مِنَ الْأَكَابِرِ، وَمَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ ". وَأَوْرَدَ بُرُوكْلِمَانُ اسْمَهُ كَالْآتِي (تَارِيخُ الْأَدَبِ الْعَرَبِيِّ، ٣/٣٥٢، تَرْجَمَةِ الدُّكْتُورِ عَبْدِ الْحَلِيمِ النَّجَّارِ، ط. الْمَعَارِفِ) : أَبُو حَاتِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدَانَ (كُتِبَتْ سَهْوًا هَمْدَانَ) الرَّازِيُّ الْوَرْسَانِيُّ. وَلَمْ أَجِدْ فِي اللُّبَابِ لِابْنِ الْأَثِيرِ إِلَّا الْوَرْسَنَانِيَّ نِسْبَةً إِلَى وَرْسَنَانَ، قَالَ: وَظَنِّي أَنَّهَا مِنْ قُرَى سَمَرْقَنْدَ. وَذَكَرَ ابْنُ النَّدِيمِ فِي الْفِهْرِسْتِ (١٨٩) كِتَابَ الزِّينَةِ لِأَبِي حَاتِمِ الرَّازِيِّ ضِمْنَ كُتُبِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَقَالَ عَنْهُ " كَبِيرٌ نَحْوَ أَرْبَعِمِائَةِ وَرَقَةٍ، وَذَكَرَ لَهُ أَيْضًا كِتَابَ الْجَامِعِ فِيهِ فِقْهٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْكِتَابَ الشَّيْخُ الْكَوْثَرِيُّ فِي فِهْرِسِ كِتَابِ قَوَاعِدِ آلِ مُحَمَّدٍ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الدَّيْلَمِيِّ وَقَالَ: الْجَامِعُ فِي الْفِقْهِ لِأَبِي حَاتِمِ بْنِ حَمْدَانَ الْوَرْسَنَانِيِّ. وَلِأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ كِتَابُ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ، وَقَدْ نَشَرَ بِ. كِرَوَاسُ جُزْءًا مِنْهُ ضِمْنَ كِتَابِ رَسَائِلِ الرَّازِيِّ الْفَلْسَفِيَّةِ "، ١٩٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>