للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِثْبَاتِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ، وَالنَّفْيِ عَلَى طَرِيقِ الْإِجْمَالِ لِلنَّقْصِ وَالتَّمْثِيلِ، فَالرَّبُّ تَعَالَى (١) مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ [الَّتِي لَا غَايَةَ فَوْقَهَا، مُنَزَّهٌ عَنِ النَّقْصِ بِكُلِّ وَجْهٍ مُمْتَنِعٍ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ مَثِيلٌ فِي شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ] (٢) ، فَأَمَّا صِفَاتُ النَّقْصِ فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهَا مُطْلَقًا وَأَمَّا صِفَاتُ الْكَمَالِ فَلَا يُمَاثِلُهُ - بَلْ وَلَا يُقَارِبُهُ - (٣) فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ.

وَالتَّنْزِيهُ يَجْمَعُهُ نَوْعَانِ: نَفْيُ النَّقْصِ، وَنَفْيُ مُمَاثَلَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي صِفَاتِ الْكَمَالِ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ سُورَةُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَغَيْرُهَا [مِنَ الْقُرْآنِ] (٤) ، مَعَ دَلَالَةِ الْعَقْلِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِرْشَادِ الْقُرْآنِ إِلَى مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْعَقْلِ، بَلْ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ فِي الْآخِرَةِ مِنْ أَنْوَاعِ النَّعِيمِ مَا لَهُ شَبَهٌ (٥) فِي الدُّنْيَا، كَأَنْوَاعِ الْمَطَاعِمِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَلَابِسِ وَالْمَنَاكِحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِمَّا فِي الْجَنَّةِ إِلَّا الْأَسْمَاءُ (٦) ، فَحَقَائِقُ تِلْكَ


(١) ن، م: وَالرَّبُّ سُبْحَانَهُ.
(٢) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٣) ن، م: فَلَا تُمَاثِلُهُ بَلْ وَلَا تُقَارِنُهُ.
(٤) مِنَ الْقُرْآنِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
(٥) ن، م: مَا لِيسَ لَهُ شَبَهٌ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٦) أَوْرَدَ الطَّبَرِيُّ هَذَا الْأَثَرَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا) [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: ٢٥] وَقَدْ ذَكَرَهُ بِإِسْنَادَيْنِ (ط. الْمَعَارِفِ) ١/٣٩١ - ٣٩٢. وَحَدَّثَنِي أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَشْجَعِيُّ - ح - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ فِي حَدِيثِهِ عَنِ الْأَشْجَعِيِّ: لَا يُشْبِهُ شَيْءٌ مِمَّا فِي الْجَنَّةِ مَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا الْأَسْمَاءَ. وَقَالَ ابْنُ بَشَّارٍ فِي حَدِيثِهِ عَنِ الْمُؤَمَّلِ، قَالَ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِمَّا فِي الْجَنَّةِ إِلَّا الْأَسْمَاءَ. وَأَمَّا الْإِسْنَادُ الثَّانِي فَهُوَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْجَنَّةِ شَيْءٌ إِلَّا الْأَسْمَاءَ. وَنَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ لِهَذِهِ الْآيَةِ، وَقَالَ: " رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ بِهِ ". وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي " الدُّرِّ الْمَنْثُورِ " فِي تَفْسِيرِهِ لِتِلْكَ الْآيَةِ " وَأَخْرَجَ مُسَدَّدٌ وَهَنَّادٌ فِي الزُّهْدِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِمَّا فِي الْجَنَّةِ إِلَّا الْأَسْمَاءُ. ".

<<  <  ج: ص:  >  >>