للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتِقْلَالَ أَحَدِهِمَا يُنَاقِضُ اسْتِقْلَالَ الْآخَرِ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ هَذَا (١) .

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا يُعْطِي الْآخَرَ كَمَالَهُ، وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ بِنَفْسِهِ مُفْتَقِرًا فِي كَمَالِهِ إِلَى غَيْرِهِ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مُفْتَقِرًا إِلَى غَيْرِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَإِنَّ الِافْتِقَارَ: إِمَّا فِي تَحْصِيلِ الْكَمَالِ، وَإِمَّا فِي مَنْعِ سَلْبِهِ الْكَمَالَ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ كَامِلًا بِنَفْسِهِ وَلَا يَقْدِرُ غَيْرُهُ (٢) أَنْ يَسْلُبَهُ كَمَالَهُ، لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَإِنَّ مَا لَيْسَ كَمَالًا لَهُ فَوُجُودُهُ لَيْسَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ يَحْتَاجُ [إِلَيْهِ] (٣) ؛ إِذْ حَاجَةُ الشَّيْءِ إِلَى مَا لَيْسَ مِنْ كَمَالِهِ مُمْتَنِعَةٌ، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ فِي حُصُولِ كَمَالِهِ، وَكَذَلِكَ (٤) لَا يَحْتَاجُ فِي مَنْعِ سَلْبِ الْكَمَالِ كَإِدْخَالِ نَقْصٍ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ ذَاتَهُ (٥) إِنْ كَانَتْ مُسْتَلْزِمَةً لِذَلِكَ الْكَمَالِ امْتَنَعَ وُجُودُ الْمَلْزُومِ بِدُونِ اللَّازِمِ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يُسْلَبَ ذَلِكَ الْكَمَالَ مَعَ كَوْنِهِ وَاجِبَ الْوُجُودِ بِنَفْسِهِ، وَكَوْنُ لَوَازِمِهِ يَمْتَنِعُ عَدَمُهَا.

فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ ذَاتَهُ لَا تَسْتَلْزِمُ كَمَالَهُ (٦) ، كَانَ مُفْتَقِرًا فِي حُصُولِ ذَلِكَ الْكَمَالِ إِلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ.

فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ احْتِيَاجُهُ إِلَى غَيْرِهِ فِي تَحْصِيلِ شَيْءٍ أَوْ دَفْعِ شَيْءٍ، وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ، فَإِنَّ الْحَاجَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا لِحُصُولِ شَيْءٍ أَوْ دَفْعِ


(١) يَتَكَلَّمُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَنْ هَذَا الْمَوْضُوعِ بِالتَّفْصِيلِ فِيمَا بَعْدُ ٢/٥٩ - ٧٤ بُولَاقَ.
(٢) ن، م: أَحَدٌ.
(٣) إِلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٤) ن، م: وَلِذَلِكَ.
(٥) ن: وَذَلِكَ لَا ذَاتَهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٦) ن (فَقَطْ) : إِنَّ كَمَالَهُ تَسْتَلْزِمُ كَمَالَهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>