للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَخِيرَانِ (١) بَاطِلَانِ فَوَجَبَ الْأَوَّلُ، فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنِ النَّقْصِ وَعَنْ مُسَاوَاةِ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ لَهُ فِي صِفَاتِ الْكَمَالِ، بَلْ هَذِهِ الْمُسَاوَاةُ هِيَ مِنَ النَّقْصِ أَيْضًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَمَاثِلَيْنِ يَجُوزُ عَلَى أَحَدِهِمَا مَا يَجُوزُ عَلَى الْآخَرِ، وَيَجِبُ لَهُ مَا يَجِبُ لَهُ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ، فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ مَاثَلَ شَيْئًا فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، لَلَزِمَ اشْتِرَاكُهُمَا فِيمَا يَجِبُ وَيَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ [عَلَى] (٢) ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مُمْكِنٌ قَابِلٌ لِلْعَدَمِ، بَلْ مَعْدُومٌ مُفْتَقِرٌ إِلَى فَاعِلٍ وَهُوَ مَصْنُوعٌ مَرْبُوبٌ مُحْدَثٌ، فَلَوْ مَاثَلَ غَيْرَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَالشَّيْءُ الَّذِي مَاثَلَهُ فِيهِ مُمْكِنًا قَابِلًا لِلْعَدَمِ، بَلْ مَعْدُومًا مُفْتَقِرًا إِلَى فَاعِلٍ، مَصْنُوعًا مَرْبُوبًا مُحْدَثًا، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ كَمَالَهُ لَازِمٌ لِذَاتِهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُفْتَقِرًا فِيهِ إِلَى غَيْرِهِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا أَوْ مَصْنُوعًا أَوْ مُحْدَثًا، فَلَوْ قُدِّرَ مُمَاثَلَةُ غَيْرِهِ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، لَلَزِمَ كَوْنُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مَوْجُودًا مَعْدُومًا، مُمْكِنًا وَاجِبًا، قَدِيمًا مُحْدَثًا، وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ.

فَالرَّبُّ تَعَالَى مُسْتَحِقٌّ لِلْكَمَالِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ كَمَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ، فَإِنَّ اللَّهَ [تَعَالَى] (٣) أَخْبَرَ أَنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، وَأَنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ، عَزِيزٌ حَكِيمٌ، غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَدُودٌ مَجِيدٌ، وَأَنَّهُ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ وَالصَّابِرِينَ، وَيَرْضَى عَنْ (٤) الَّذِينَ


(١) ن، م: الْآخَرَانِ.
(٢) عَلَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(٣) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
(٤) ن، م: عَلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>