للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَذَا هُوَ مُرَادُ عَلِيِّ [بْنِ أَبِي طَالِبٍ] وَجَعْفَرِ [بْنِ مُحَمَّدٍ] وَغَيْرِهِمَا (١) مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ -[رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ] (٢) - وَسَائِرِ سَلَفِ الْأُمَّةِ بِلَا رَيْبٍ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الرَّافِضَةَ مُخَالِفُونَ لِأَئِمَّةِ أَهْلِ الْبَيْتِ وَسَائِرِ السَّلَفِ فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ كَمَا خَالَفُوهُمْ فِي غَيْرِهَا.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ مَجْعُولٌ، فَاللَّهُ لَمْ يَصِفْهُ بِأَنَّهُ مَجْعُولٌ مُعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، بَلْ قَالَ: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [سُورَةُ الزُّخْرُفِ: ٣] ، فَإِذَا قَالُوا: هُوَ مَجْعُولٌ قُرْآنًا عَرَبِيًّا، فَهَذَا حَقٌّ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ: ٢] ، فَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ " الذِّكْرَ " نَوْعَانِ: مُحْدَثٌ وَغَيْرُ مُحْدَثٍ، كَمَا تَقُولُ: مَا جَاءَنِي مِنْ رَجُلٍ عَدْلٍ إِلَّا قَبِلْتُ شَهَادَتَهُ، وَصِفَةُ النَّكِرَةِ لِلتَّخْصِيصِ، وَعِنْدَهُمْ كُلُّ ذَلِكَ مُحْدَثٌ، وَالْمُحْدَثُ فِي الْقُرْآنِ لَيْسَ هُوَ الْمُحْدَثُ فِي كَلَامِهِمْ، فَلَمْ يُوَافِقُوا الْقُرْآنَ.

ثُمَّ إِذَا قِيلَ: هُوَ مُحْدَثٌ (٣) ، لَمْ يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقًا بَائِنًا (٤) عَنِ اللَّهِ، بَلْ إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ (٥) بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَهُوَ قَائِمٌ بِهِ، جَازَ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مُحْدَثٌ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ كَلَامُهُ الْقَائِمُ بِذَاتِهِ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.

وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ. وَقَدِ احْتَجَّ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا


(١) ن، م: عَلِيٍّ وَجَعْفَرٍ وَغَيْرِهِمَا.
(٢) عِبَارَةُ " رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ": زِيَادَةٌ فِي (ع) .
(٣) ن: إِنَّهُ مُحْدَثٌ.
(٤) ن، م: ثَابِتًا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(٥) ع: بَلْ إِذَا تَكَلَّمَ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>