للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا فِي الْأَزَلِ (١ وَجَازَ أَنْ لَا يَكُونَ لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا فِي الْأَزَلِ ١) (١) ، فَجَازَ (٢) حُدُوثُ الْحَوَادِثِ فِي الْأَزَلِ. (٣) [وَإِنْ قِيلَ: بَلْ يَكُونُ فَاعِلًا لِغَيْرِ الْحَوَادِثِ ثُمَّ يُحْدِثُ الْحَوَادِثَ فِيمَا لَا يَزَالُ ; كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُ (٤) بِقِدَمِ الْعُقُولِ وَالنُّفُوسِ، وَأَنَّ الْأَجْسَامَ حَدَثَتْ عَنْ بَعْضِ مَا حَدَثَ لِلنَّفْسِ مِنَ التَّصَوُّرَاتِ وَالْإِرَادَاتِ (٥) ، وَكَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُ بِقِدَمِ الْقُدَمَاءِ الْخَمْسَةِ (٦) ، كَانَ هَذَا مِنْ أَفْسَدِ الْأَقْوَالِ ; لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ حُدُوثَ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ أَوْجَبَ حُدُوثَهَا إِذْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَا يَقْتَضِي تَجَدُّدَ إِحْدَاثِ الْحَوَادِثِ، مَعَ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ بِقِدَمِ النَّفْسِ يَقْتَضِي دَوَامَ حُدُوثِ الْحَوَادِثِ، فَإِنَّ مَا يَحْدُثُ مِنْ تَصَوُّرَاتِ النَّفْسِ وَإِرَادَاتِهَا حَوَادِثُ دَائِمَةٌ عِنْدَهُمْ، وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ بِحُدُوثِ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ (٧) ، لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ يَدُلُّ عَلَى قِدَمِ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ، وَالَّذِينَ قَالُوا بِدَوَامٍ مَعْلُولٍ مُعَيَّنٍ عَنْهُ الْتَزَمُوا دَوَامَ الْفَاعِلِيَّةِ فِرَارًا مِنْ هَذَا الْمَحْذُورِ، فَإِذَا كَانَ هَذَا لَازِمًا لَهُمْ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَاجَةٌ إِلَى ذَلِكَ الْمُمْتَنِعِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُقَلَاءِ.


(١) : (١ - ١) سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) .
(٢) ب (فَقَطْ) : جَازَ.
(٣) الْكَلَامُ التَّالِي بَعْدَ الْقَوْسِ الْمَعْقُوفِ سَاقِطٌ بِأَكْمَلِهِ مِنْ (ن) ، (م) . وَسَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) مَا عَدَا جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنْهُ هِيَ: " فَفِي الْجُمْلَةِ جَوَازُ كَوْنِهِ فَاعِلًا يَسْتَلْزِمُ حُدُوثَ الْحَوَادِثِ فِي الْأَزَلِ ".
(٤) فِي الْأَصْلِ (ع) : يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُهُ.
(٥) وَهُمُ الْفَلَاسِفَةُ الْمَشَّاءُونَ مِثْلُ الْفَارَابِيِّ وَابْنِ سِينَا. وَانْظُرْ هَذَا الْكِتَابَ ١/٢٢٤ - ٢٣٥.
(٦) وَهُمُ الصَّائِبَةُ الْحَرَّانِيُّونَ وَدِيمُوقْرَيْطِسْ وَأَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ. وَانْظُرْ هَذَا الْكِتَابَ ١/٢٠٩ - ٢١١.
(٧) فِي الْأَصْلِ (ع) تُوجَدُ فَوْقَ كَلِمَةِ " سَبَبٍ " إِشَارَةٌ إِلَى الْهَامِشِ حَيْثُ يُوجَدُ حَرْفٌ مِنْ كَلِمَةٍ لَمْ تَظْهَرْ فِي الْمُصَوَّرَةِ، وَظَاهِرٌ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ أَنَّ هَذِهِ هِيَ الْكَلِمَةُ " حَادِثٌ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>