للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَلَاسِفَةُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ زَمَانًا، فَإِنَّ الْعَالَمَ قَدِيمٌ عِنْدَهُمْ زَمَانًا مَعَ أَنَّهُ فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى ".

فَيُقَالُ: أَمَّا نَقْلُهُ عَنِ الْمُتَكَلِّمِينَ فَصَحِيحٌ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ الْعُقَلَاءِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ، وَأَمَّا نَقْلُهُ عَنِ الْفَلَاسِفَةِ، فَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ كَابْنِ سِينَا، وَلَيْسَ هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِهِمْ: لَا الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ كَأَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ، وَلَا الْقَائِلِينَ بِحُدُوثِ صُورَتِهِ، وَهُمْ جُمْهُورُ الْفَلَاسِفَةِ، فَإِنَّ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِهِ لَمْ يَكُونُوا يُثْبِتُونَ لَهُ فَاعِلًا مُبْدِعًا كَمَا يَقُولُهُ ابْنُ سِينَا، بَلْ مِنْهُمْ مَنْ لَا يُثْبِتُ لَهُ عِلَّةَ فَاعِلَةً. وَأَرِسْطُو يُثْبِتُ لَهُ عِلَّةً غَائِيَّةً يَتَشَبَّهُ بِهَا الْفَلَكُ، لَمْ يُثْبِتْ عِلَّةَ فَاعِلَةً، كَمَا يَقُولُهُ ابْنُ سِينَا وَأَمْثَالُهُ، وَأَمَّا مَنْ قَبْلَ أَرِسْطُو فَكَانُوا يَقُولُونَ بِحُدُوثِ السَّمَاوَاتِ، كَمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمِلَلِ.

ثُمَّ قَالَ الرَّازِيُّ: " وَعِنْدِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَفْظِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ يَمْتَنِعُونَ مِنْ إِسْنَادِ الْقَدِيمِ (١) . إِلَى الْمُؤَثِّرِ الْمُوجِبِ بِالذَّاتِ، وَكَذَلِكَ زَعَمَ مُثْبِتُو الْحَالِ (٢) . بِنَاءً عَلَى أَنَّ عَالِمِيَّةَ اللَّهِ وَعِلْمَهُ (٣) . قَدِيمَانِ (٤) مَعَ أَنَّ الْعَالِمِيَّةَ وَالْقَادِرِيَّةَ مُعَلَّلَةٌ بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ الْمُحَصَّلِ: مَعَ أَنَّ الْعَالِمِيَّةَ مُعَلَّلَةٌ بِالْعِلْمِ. . وَزَعَمَ أَبُو هَاشِمٍ أَنَّ الْعَالِمِيَّةَ وَالْقَادِرِيَّةَ وَالْحَيِّيَّةَ وَالْمَوْجُودِيَّةَ (٥) مُعَلِّلَةٌ بِحَالٍ (٦) . خَامِسَةٍ مَعَ أَنَّ الْكُلَّ


(١) الْمُحَصَّلِ (ص [٠ - ٩] ٥) : لَمْ يَمْنَعُوا إِسْنَادَ الْقَدِيمِ
(٢) الْمُحَصَّلِ: وَلِذَلِكَ زَعَمُوا مُثْبِتُو الْحَالِ. وَالْقَائِلُونَ بِالْأَحْوَالِ هُمْ أَبُو هَاشِمٍ الْجُبَّائِيُّ وَأَتْبَاعُهُ وَسَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ ١/٢٧٠ - ٢٧١، وَالْكَلَامُ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْأَحْوَالِ ٢/١٢٤ - ١٢٥
(٣) الْمُحَصَّلِ: مِنَّا أَنَّ عَالِمِيَّةَ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلِمَهُ
(٤) فِي الْأَصْلِ: قَدِيمًا، وَهُوَ خَطَأٌ، وَصَوَابُهُ مِنْ " الْمُحَصَّلِ "
(٥) فِي الْأَصْلِ: الْحِسِّيَّةَ وَالْوُجُودِيَّةَ، وَالصَّوَابُ مِنْ " الْمُحَصَّلِ "
(٦) الْمُحَصَّلِ: بِحَالَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>