للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجْعَلُ الْإِنْسَانَ لَا مُؤْمِنًا وَلَا كَافِرًا وَلَا بَرًّا وَلَا فَاجِرًا، وَلَا يَخْلُقُهُ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا، فَهَذِهِ الْأُمُورُ كُلُّهَا مُمْكِنَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَا هُوَ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا (١) .، فَظَهَرَ تَمْوِيهُهُمْ بِقَوْلِهِمْ [إِنَّ اللَّهَ] قَادِرٌ (٢) . عَلَى جَمِيعِ الْمَقْدُورَاتِ.

وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَعِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ [تَعَالَى] (٣) . عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَكُلُّ مُمْكِنٍ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِي هَذَا.

وَأَمَّا الْمُحَالُ لِذَاتِهِ، مِثْلَ كَوْنِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ [مَوْجُودًا] (٤) . مَعْدُومًا، فَهَذَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ (٥) .، وَلَا يُسَمَّى شَيْئًا بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ: خَلَقَ مِثْلَ نَفْسِهِ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.


(١) ن، م: عِنْدَهُمْ أَنْ لَا يَقْدِرَ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ. وَفِي هَامِشِ نُسْخَةِ (ع) كَرَّرَ الْمُعَلِّقُ الْكَلَامَ الَّذِي يَبْدَأُ بِعِبَارَةِ: " فَمَذْهَبُ هَؤُلَاءِ الْإِمَامِيَّةِ وَشُيُوخِهِمْ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ. . إِلَى الْمَوْضِعِ. ثُمَّ كَتَبَ مَا يَلِي: " وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمَاتُرِيدِيَّةَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، مَعَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، قَالُوا: إِنَّهُ يَمْتَنِعُ لَهُ تَعَالَى تَنْعِيمُ الْفَاسِقِ وَتَعْذِيبُ الْمُطِيعِ وَتَخْلِيدُ الْمُؤْمِنِ الْمُطِيعِ فِي النَّارِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَكَذَا يَمْتَنِعُ لَهُ تَعَالَى السَّفَهُ وَالْكَذِبُ وَالظُّلْمُ بِمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ - وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِالْحِكْمَةِ، وَأَنَّ كُلَّ مَا هُوَ مُوَافِقٌ الْحِكْمَةَ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَفْعَلَهُ، فَيَكُونُ ضِدُّهُ سَفَهًا، فَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَفْعَلَهُ، حَتَّى قَالُوا: إِنَّ إِرْسَالَ الرُّسُلِ لِمُوَافَقَتِهِ الْحِكْمَةَ وَاجِبُ الْوُقُوعِ، فَعَدَمُ الْإِرْسَالِ لَيْسَ بِمَقْدُورٍ لَهُ لِكَوْنِهِ خِلَافَ الْحِكْمَةِ فَيَكُونُ سَفَهًا، وَالسَّفَهُ لَيْسَ بِمَقْدُورٍ. وَقَدْ بَنَوْا عَلَى الْأَصْلِ الْفَاسِدِ أُمُورًا فَاسِدَةً يَأْبَى عَنْهَا الْأُصُولُ الدِّينِيَّةُ، تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنَّا وَعَنْهُمْ "
(٢) ب، أ: فَظَهَرَ تَمْوِيهُهُمْ بِقَوْلِهِ قَادِرٌ، ن: فَظَهَرَ تَمْوِيهُهُمْ قَادِرٌ ; م: فَظَهَرَ تَمْوِيهُهُمْ بِقَوْلِهِمْ قَادِرٌ
(٣) تَعَالَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)
(٤) مَوْجُودًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)
(٥) عِبَارَةُ " وَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ " سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) فَقَطْ

<<  <  ج: ص:  >  >>