فَالْمُنْتَسِبُونَ إِلَى إِثْبَاتِ خِلَافَةِ الْأَرْبَعَةِ وَتَفْضِيلِ الشَّيْخَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ أَقْوَالًا فَاسِدَةً فَأَقْوَالُ الرَّافِضَةِ أَفْسَدُ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ الْمُنَاظِرُ لِلْفَلَاسِفَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى السُّنَّةِ كَالْأَشْعَرِيِّ وَأَمْثَالِهِ وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَقُولُونَ أَقْوَالًا بَاطِلَةً، فَفِي أَقْوَالِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْفَلَاسِفَةِ مِنَ الْبَاطِلِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهَا، فَالْوَاجِبُ إِذَا كَانَ الْكَلَامُ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الطَّوَائِفِ أَنْ يُبَيَّنَ رُجْحَانُ قَوْلِ الْفَرِيقِ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ إِلَى السُّنَّةِ بِالْعَقْلِ وَالنَّقْلِ، وَلَا نَنْصُرُ الْقَوْلَ الْبَاطِلَ الْمُخَالِفَ لِلشَّرْعِ وَالْعَقْلِ أَبَدًا، فَإِنَّ هَذَا مُحَرَّمٌ وَمَذْمُومٌ، يُذَمُّ بِهِ صَاحِبُهُ، وَيَتَوَلَّدُ عَنْهُ مِنَ الشَّرِّ مَا لَا يُوصَفُ، كَمَا تَوَلَّدَ مِنَ الْأَقْوَالِ الْمُبْتَدَعَةِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلِبَسْطِ هَذِهِ الْأُمُورِ مَكَانٌ آخَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى وَجْهِ الْمُنَاظَرَةِ الْعَادِلَةِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ فِيهَا الْإِنْسَانُ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، لَا بِجَهْلٍ وَظُلْمٍ. وَأَمَّا مُنَاظَرَاتُ الطَّوَائِفِ الَّتِي كُلٌّ مِنْهَا يُخَالِفُ السُّنَّةَ وَلَوْ بِقَلِيلٍ، فَأَعْظَمُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا بَيَانُ إِبْطَالِ بَعْضِهِمْ لِمَقَالَةِ بَعْضٍ.
وَأَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ هَذِهِ الْفَائِدَةَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالْكَلَامِ دُونَ غَيْرِهَا، لَكِنْ يَعْتَقِدُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْعَقِيدَةُ الَّتِي تَعَبَّدَ الشَّارِعُ النَّاسَ بِاعْتِقَادِهَا، وَأَنَّ لَهَا بَاطِنًا يُخَالِفُ ظَاهِرَهَا فِي بَعْضِ الْأُمُورِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الِاعْتِقَادِ يُوَافِقُ الشَّرْعَ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، وَمَا ثَبَتَ عَنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ فَلَا يُنَاقِضُ بَاطِنُهُ ظَاهِرَهُ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ بِالْمُنَاظَرَةِ بَيَانَ رُجْحَانِ بَعْضِ الْأَقْوَالِ عَلَى بَعْضٍ] (١)
(١) الْكَلَامُ بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) : وَبَدَأَ فِي ص ٣٤٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute