للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَنْبِيَاءُ أَفْضَلُ الْخَلْقِ، وَهُمْ (أَصْحَابُ) (١) ، السِّيَاقُ يَقْتَضِي إِثْبَاتَهَا. الدَّرَجَاتِ الْعُلَى فِي الْآخِرَةِ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ مِنَ الْفُجَّارِ بَلْ وَلَا يَكُونُ مِنْ عُمُومِ أَصْحَابِ الْيَمِينِ بَلْ مِنْ أَفْضَلِ السَّابِقِينَ الْمُقَرَّبِينَ، فَإِنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْ عُمُومِ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ أَيْضًا يُوصَفُ بِأَنَّهُ صِدِّيقٌ وَصَالِحٌ وَقَدْ يَكُونُ شَهِيدًا، لَكِنَّ ذَاكَ أَمْرٌ يَخْتَصُّ بِهِمْ لَا يَشْرَكُهُمْ فِيهِ مَنْ لَيْسَ بِنَبِيٍّ، كَمَا قَالَ عَنِ الْخَلِيلِ: {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ: ٢٧] ، وَقَالَ يُوسُفُ: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [سُورَةُ يُوسُفَ: ١٠١] .

فَهَذَا مِمَّا يُوجِبُ تَنْزِيهَ الْأَنْبِيَاءِ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْفُجَّارِ وَالْفُسَّاقِ، وَعَلَى هَذَا إِجْمَاعُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَجَمَاهِيرِهَا.

وَأَمَّا مَنْ جَوَّزَ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ النَّبِيِّ أَفْضَلَ مِنْهُ فَهُوَ مِنْ أَقْوَالِ بَعْضِ مَلَاحِدَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ غُلَاةِ الشِّيعَةِ وَالصُّوفِيَّةِ وَالْمُتَفَلْسِفَةِ وَنَحْوِهِمْ.

وَمَا يُحْكَى عَنِ (٢) . أَنَّهُمْ جَوَّزُوا الْكُفْرَ عَلَى النَّبِيِّ، فَهَذَا بِطَرِيقِ اللَّازِمِ لَهُمْ لِأَنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ عِنْدَهُمْ كُفْرٌ، وَقَدْ جَوَّزُوا الْمَعَاصِيَ عَلَى النَّبِيِّ، وَهَذَا يَقْتَضِي فَسَادَ قَوْلِهِمْ بِأَنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ كُفْرٌ


(١) أَصْحَابُ: سَاقِطَةٌ مِنَ الْأَصْلِ
(٢) الْفَضْلِيَّةِ مِنَ الْخَوَارِجِ الْفَضْلِيَّةُ فِرْقَةٌ مِنَ الْخَوَارِجِ ذَكَرَهُمُ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْفِصَلِ ٥/٥٤ - وَسَمَّاهُمُ الْفُضَيْلِيَّةَ - فَقَالَ: " وَقَالَتِ الْفُضَيْلِيَّةُ مِنَ الصُّفْرِيَّةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ بَلِ اعْتَقَدَ الْكُفْرَ أَوِ الدَّهْرِيَّةَ أَوِ الْيَهُودِيَّةَ أَوِ النَّصْرَانِيَّةَ فَهُوَ مُسْلِمٌ عِنْدَ اللَّهِ مُؤْمِنٌ وَلَا يَضُرُّهُ إِذَا قَالَ الْحَقَّ بِلِسَانِهِ مَا اعْتَقَدَ بِقَلْبِهِ ". وَذَكَرَهُمُ الْأَشْعَرِيُّ فِي الْمَقَالَاتِ ١/١٨٣ وَسَمَّاهُمْ " الْفَضْلِيَّةَ " وَذَكَرَ عَنْهُمْ قَوْلًا قَرِيبًا مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَزْمٍ. وَذَكَرَ الشَّهْرَسْتَانِيُّ (الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ ١/١٢٤) مِنْ رِجَالِ الْخَوَارِجِ: الْفَضْلُ بْنُ عِيسَى الرَّقَاشِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>