للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: ٢٩] ، وَقَالَ تَعَالَى: " {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ - إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ١٧ - ١٨] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [سُورَةُ الْجِنِّ: ١٨] ، وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ.

وَزِيَارَةُ الْقُبُورِ عَلَى وَجْهَيْنِ: زِيَارَةُ أَهْلِ التَّوْحِيدِ الْمُتَّبِعِينَ لِلرُّسُلِ، وَزِيَارَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالشِّرْكِ.

فَالْأُولَى مَقْصُودُهَا أَنْ يُسَلَّمَ عَلَى الْمَيِّتِ وَيُدْعَى لَهُ، وَزِيَارَةُ قَبْرِهِ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ إِذَا مَاتَ، يَقْصِدُ بِهَا الدُّعَاءَ لَهُ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُثِيبُ هَذَا الدَّاعِيَ لَهُ عِنْدَ قَبْرِهِ كَمَا يُثِيبُ الدَّاعِيَ إِذَا صَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى سَرِيرِهِ.

وَالثَّانِيَةُ مَقْصُودُهَا أَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ الْحَوَائِجُ، أَوْ يُقْسَمَ عَلَى اللَّهِ، أَوْ يُظَنَّ أَنَّ دُعَاءَ اللَّهِ عِنْدَ قَبْرِهِ أَقْرَبُ إِلَى الْإِجَابَةِ، فَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا عَلَى عَهْدِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، بَلْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَمَّا فَتَحُوا أَرْضَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَغَيْرِهِمَا إِذَا وَجَدُوا قَبْرًا يُقْصَدُ الدُّعَاءُ عِنْدَهُ غَيَّبُوهُ، كَمَا وَجَدُوا بِتَسْتُرَ قَبْرَ دَانْيَالَ فَحَفَرُوا لَهُ بِالنَّهَارِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَبْرًا وَدَفَنُوهُ بِاللَّيْلِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا، وَكَانَ مَكْشُوفًا وَكَانَ الْكُفَّارُ يَسْتَسْقُونَ بِهِ، فَغَيَّبَهُ الْمُسْلِمُونَ لِأَنَّ هَذَا مِنَ الشِّرْكِ انْظُرِ الْخَبَرَ وَتَعْلِيقَنَا عَلَيْهِ ١/٤٨٠ - ٤٨١. .

<<  <  ج: ص:  >  >>