للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسْأَلَ اللَّهُ بِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَأَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُسَافَرَ إِلَيْهِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ لِهَذَا الْقَصْدِ، أَوْ يُنْذَرُ لَهُ أَوْ لِمَنْ عِنْدَهُ دُهْنٌ أَوْ شَمْعٌ أَوْ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ أَوْ قَنَادِيلُ أَوْ سُتُورٌ، فَهَذَا كُلُّهُ مِنْ نُذُورِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَلَا يَجُوزُ مِثْلُ هَذَا النَّذْرِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا الْوَفَاءُ بِهِ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ» " (١) . .

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْذُرَ أَحَدٌ إِلَّا طَاعَةً، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْذُرَهَا إِلَّا لِلَّهِ، فَمَنْ نَذَرَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ، كَمَنْ صَامَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَسَجَدَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَمَنْ حَجَّ إِلَى قَبْرٍ مِنَ الْقُبُورِ فَهُوَ مُشْرِكٌ، بَلْ لَوْ سَافَرَ إِلَى مَسْجِدٍ لِلَّهِ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لِيَعْبُدَ اللَّهَ فِيهَا كَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، فَكَيْفَ إِذَا سَافَرَ إِلَى غَيْرِ الثَّلَاثَةِ لِيُشْرِكَ بِاللَّهِ! وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «لَا تَشُدُّوا الرِّحَالَ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا» " (٢)) . .


(١) الْحَدِيثُ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي: الْبُخَارِيِّ ٨/١٤٢ (كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ، بَابُ النَّذْرِ فِي الطَّاعَةِ، بَابُ النَّذْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَلَا فِي مَعْصِيَةٍ) ; سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ٣/٣١٥ (كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّذْرِ فِي الْمَعْصِيَةِ) ; سُنَنِ النَّسَائِيِّ ٧/١٦ (كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ، بَابُ النَّذْرِ فِي الطَّاعَةِ، بَابُ النَّذْرِ فِي الْمَعْصِيَةِ) ; سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ ١/٦٨٧ (كِتَابُ الْكَفَّارَاتِ، بَابُ النَّذْرِ فِي الْمَعْصِيَةِ) ; الْمُوَطَّأِ ٢/٤٧٦ (كِتَابُ النُّذُورِ، بَابُ مَا لَا يَجُوزُ مِنَ النُّذُورِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) ٦/٣٦، ٤١، ٢٢٤
(٢) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي: الْبُخَارِيِّ ٢/٦٠ (كِتَابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، الْبَابُ الْأَوَّلُ) ، ٣/١٩ (كِتَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ، بَابُ حَجِّ النِّسَاءِ) ; مُسْلِمٍ ٢/٩٧٥ - ٩٧٦ (كِتَابُ الْحَجِّ، بَابُ سَفَرِ الْمَرْأَةِ مَعَ مَحْرَمٍ، ٢/١٠١٤ - ١٠١٥ (كِتَابُ الْحَجِّ، بَابُ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ) ; الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) ج [٠ - ٩] ٢ رَقْمَا: ٧١٩١، ٧٢٤٨، وَمَوَاضِعُ أُخْرَى فِيهِ ; سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ٢/٢٩١ (كِتَابُ الْمَنَاسِكِ بَابُ فِي إِتْيَانِ الْمَدِينَةِ) ; سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ ١/٢٠٥ (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي أَيِّ الْمَسَاجِدِ أَفْضَلُ) ; سُنَنِ النَّسَائِيِّ ٢/٣١ (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ، بَابُ مَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>