ثم ضرب بيده على منكبها وقال لها أبشري فوالله إنك لسيدة نساء أهل الجنة فقالت فأين آسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران فقال آسية سيدة نساء عالمها ومريم سيدة نساء عالمها وخديجة سيدة نساء عالمها وأنت سيدة نساء عالمك إنكن في بيوت من قصب لا أذى فيها ولا صخب ثم قال لها اقنعي بابن عمك فوالله لقد زوجتك سيداً في الدنيا سيداً في الآخرة // حديث عمران بن حصين كانت لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة وجاء فقال فهل لك في عيادة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث بطوله وفيه لقد زوجتك سيداً في الدنيا وسيداً في الآخرة لم أجده من حديث عمران ولأحمد والطبراني من حديث معقل بن يسار وضأت النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل لك في فاطمة تعودها الحديث وفيه أما ترضين أن زوجتك أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما وإسناده صحيح
فانظر الآن إلى حال فاطمة رضي الله عنها وهي بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف آثرت الفقر وتركت المال
ومن راقب أحوال الأنبياء والأولياء وأقوالهم وما ورد من أخبارهم وآثارهم لم يشك في أن فقد المال أفضل من وجوده وإن صرف إلى الخيرات إذ أقل ما فيه من أداء الحقوق والتوقي من الشبهات والصرف إلى الخيرات اشتغال لهم بإصلاحه وانصرافه عن ذكر الله إذ لا ذكر إلا مع الفراغ ولا فراغ مع شغل المال
وقد روي عن جرير عن ليث قال صحب رجل عيسى ابن مريم عليه السلام فقال أكون معك وأصحابك فانطلقا فانتهيا إلى شط نهر فجلسا يتغديان ومعهما ثلاثة أرغفة فأكلا رغيفين وبقي رغيف ثالث فقام عيسى عليه السلام إلى النهر فشرب ثم رجع فلم يجد الرغيف فقال للرجل من أخذ الرغيف فقال لا أدري قال فانطق ومعه صاحبه فرأى ظبية ومعها خشفان لها قال فدعا أحدهما فأتاه فذبحه فاشتوى منه فأكل هو وذلك الرجل ثم قال للخشف قم بإذن الله فقام فذهب فقال للرجل أسألك بالذي أراك هذه الآية من أخذ الرغيف فقال لا أدري ثم انتهيا إلى وادي ماء فأخذ عيسى بيد الرجل فمشيا على الماء فلما جاوزا قال له أسألك بالذي أراك هذه الآية من أخذ الرغيف فقال لا أدري فانتهيا إلى مفازة فجلسا فأخذ عيسى عليه السلام يجمع تراباً وكثيباً ثم قال كن ذهباً بإذن الله تعالى فصار ذهبا فقسمه ثلاثة أثلاث ثم قال ثلث لي وثلث لك وثلث لمن أخذ الرغيف فقال أنا الذي أخذت الرغيف فقال كله لك وفارقه عيسى عليه السلام فانتهى إليه رجلان في المفازة ومعه المال فأرادا أن يأخذاه منه ويقتلاه فقال هو بيننا أثلاثاً فابعثوا أحدكم إلى القرية حتى يشتري لنا طعاماً نأكله قال فبعثوا أحدهم فقال الذي بعث لأي شيء أقاسم هؤلاء هذا المال لكني أضع في هذا الطعام سماً فأقتلهما وآخذ المال وحدي قال ففعل وقال ذانك الرجلان لأي شيء نجعل لهذا ثلث المال ولكن إذا رجع قتلناه واقتسمنا المال بيننا قال فلما رجع إليهما قتلاه وأكلا الطعام فماتا فبقي ذلك المال في المفازة وأولئك الثلاثة عنده قتلى فمر بهم عيسى عليه السلام على تلك الحالة فقال لأصحابه هذه الدنيا فاحذروها
وحكي أن ذا القرنين أتى على أمة من الأمم ليس بأيديهم شيء مما يستمتع به الناس من دنياهم قد احتفروا قبورا فإذا أصبحوا تعهدوا تلك القبور وكنسوها وصلوا عندها ورعوا البقل كما ترعى البهائم وقد قيض لهم في ذلك معايش من نبات الأرض وأرسل ذو القرنين إلى ملكهم فقال له أجب ذو القرنين فقال مالي إليه حاجة فإن كان له حاجة فليأتني فقال ذو القرنين صدق فأقبل إليه ذو القرنين وقال له أرسلت إليك لتأتيني فأبلت فها أنا قد جئت فقال لو كان لي إليك حاجة لأتيتك فقال له ذو القرنين مالي أراكم على حالة لم أر أحداً من الأمم عليها قال وما ذاك قال ليس لكم دنيا ولا شيء أفلا اتخذتم الذهب والفضة فاستمتعتم بهما قالوا إنما كرهناهما