للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان السلف لذلك يستوحشون إذا خرج عام ولم يصابوا فيه بنقص في نفس أو مال وقالوا لا يخلو المؤمن في كل أربعين يوماً أن يروع روعة أو يصاب ببلية حتى روي أن عمار بن ياسر تزوج امرأة فلم تكن تمرض فطلقها وأن النبي صلى الله عليه وسلم عرض عليه امرأة فحكي من وصفها حتى هم أن يتزوجها فقيل وإنها ما مرضت قط فقال لا حاجة لي فيها (١) حديث ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمراض والأوجاع كالصداع وغير فقال رجل وما الصداع ما أعرفه فقال إليك عنى الحديث رواه أبو داود من حديث عارم البرام أخي الحضر بنوه وفي إسناده من لم يسم لأنه ورد في الخبر الحمى حظ كل مؤمن من النار حديث الحمى حظ كل مؤمن من النار رواه البزار من حديث عائشة وأحمد ومن حديث عائشة وأحمد من حديث أبي أمامة والطبراني في الأوسط من حديث أنس وأبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن مسعود وحديث أنس ضعيف وباقيها حسان وفي حديث أنس وعائشة رضي الله عنهما قيل يا رسول الله هل يكون مع الشهداء يوم القيامة غيرهم قال نعم من ذكر الموت كل يوم عشرين مرة حديث أنس وعائشة حديث أنس وعائشة قيل يا رسل الله هل يكون مع الشهداء يوم القيامة غيرهم فقال نعم من ذكر الموت كل يوم عشرين مرة لم أقف له على إسناده // وفي لفظ آخر الذي يذكر ذنوبه فتحزنه ولا شك في أن ذكر الموت على المريض أغلب فلما أن كثرت فوائد المرض رأى جماعة ترك الحيلة في زوالها إذ رأوا لأنفسهم مزيداً فيها لا من حيث رأوا التداوي نقصاناً وكيف يكون نقصاناً وقد فعل ذلك صلى الله عليه وسلم

[بيان الرد على من قال: ترك التداوي أفضل بكل حال]

فلو قال قائل: إنما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسن لغيره وإلا فهو حال الضعفاء ودرجة الأقوياء توجب التوكل بترك الدواء فيقال: ينبغي أن يكون من شروط التوكل ترك الحجامة والفصد عند تبغ الدم

فإن قيل: إن ذلك أيضاً شرط فليكن من شرطه أن تلدغه العقرب أو الحية فلا ينحيها عن نفسه إذ الدم يلدغ الباطن والعقرب تلدغ الظاهر فأي فرق بينهما فإن قال: وذلك أيضاً شرط التوكل فيقال: ينبغي أن لا يزيل لدغ العطش بالماء ولدغ الجوع بالخبز ولدغ البرد بالجبة وهذا لا قائل به

ولا فرق بين هذه الدرجات فإن جميع ذلك أسباب رتبها مسبب الأسباب سبحانه وتعالى وأجرى بها سنته ويدل على أن ذلك ليس من شرط التوكل ما روي عن عمر رضي الله عنه وعن الصحابة في قصة الطاعون فإنهم لما قصدوا الشام وانتهوا إلى الجابية بلغهم الخبر أن به موتاً عظيماً ووباءً ذريعاً فافترق الناس فرقتين فقال بعضهم لا ندخل على الوباء فنلقي بأيدينا إلى التهلكة وقالت طائفة أخرى: بل ندخل ونتوكل ولا نهرب من قدر الله تعالى ولا نفر من الموت فنكون كمن قال الله تعالى فيهم ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فرجعوا إلى عمر فسألوه عن رأيه فقال نرجع ولا ندخل على الوباء فقال له المخالفون في رأيه أنفر من قدر الله تعالى قال عمر نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله ثم ضرب لهم مثلاً فقال أرأيتم لو كان لأحدكم غنم فهبط وادياً له شعبتان: إحداهما مخصبة: والأخرى مجدبة أليس إن رعى المخصبة رعاها بقدر الله تعالى وإن رعى المجدبة رعاها بقدر الله تعالى فقالوا: نعم ثم طلب عبد الرحمن بن عوف ليسأله عن رأيه وكان غائباً فلما أصبحوا جاء


(١) حديث عرضت عليه أمرأة فذكر من وصفها حتى هم أن يتزوجها فقيل فإنها ما مرضت قط قال لا حاجة لي فيها أخرجه أحمد من حديث أنس بنحوه بإسناد جيد وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمراض والأوجاع كالصداع وغيره فقال رجل وما الصداع ما أعرفه فقال صلى الله عليه وسلم إليك عني من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>