للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعيد من الصدق في توحيده وأمره مخطر في نفسه فإن عجزت عن ذلك كله فكن محباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم حريصاً على تعظيم سننه ومتشوقاً إلى مراعاة قلوب الصالحين من أمته ومتبركاً بأدعيتهم فعساك أن تنال من شفاعته أو شفاعتهم فتنجو بالشفاعة إن كنت قليل البضاعة

[صفة الشفاعة]

اعلم أن إذا حق دخول النار على طوائف من المؤمنين فإن الله تعالى بفضله يقبل فيهم شفاعة الأنبياء والصديقين بل شفاعة العلماء والصالحين وكل من له عند الله تعالى جاه وحسن معاملة فإن له شفاعة في أهله وقرابته وأصدقائه ومعارفه فكن حريصاً على أن تكتسب لنفسك عندهم رتبة الشفاعة وذلك بأن لا تحقر آدمياً أصلاً فإن الله تعالى خبأ ولايته في عباده فلعل الذي تزدريه عينك هو ولي الله ولا تستصغر معصية أصلاً فإن الله تعالى خبأ غضبه في معاصيه فلعل مقت الله فيه ولا تستحقر أصلاً طاعة فإن الله تعالى خبأ رضاه في طاعته فلعل رضاه فيه ولو الكلمة الطيبة أو النية الحسنة أو ما يجري مجراه

وشواهد الشفاعة في القرآن والأخبار كثيرة قال الله تعالى {ولسوف يعطيك ربك فترضى} روى عمرو ابن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول إبراهيم عليه السلام {رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} وقول عيسى عليه السلام {إن تعذبهم فإنهم عبادك} ثم رفع يديه وقال أمتي أمتي ثم بكى فقال الله عز وجل يا جبريل اذهب إلى محمد فسله ما يبكيك فأتاه جبريل فسأله فأخبره والله أعلم به فقال يا جبريل اذهب إلى محمد فقل له إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك (١) وقال صلى الله عليه وسلم أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبل نصرت بالرعب مسيرة شهر وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وجعلت لي الأرض مسجداً وترابها طهوراً فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأعطيت الشفاعة وكل نبي بعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة (٢) وقال صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم من غير فخر وقال صلى الله عليه وسلم إنا سيد ولد آدم ولا فخر وأنا أول من تنشق الأرض عنه وأنا أول شافع وأول مشفع بيدي لواء الحمد تحته آدم فمن دونه (٣) وقال صلى الله عليه وسلم لكل نبي دعوة مستجابة فأريد أن أختبىء دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة (٤) وقال ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينصب للأنبياء منابر من ذهب فيجلسون عليها ويبقى منبري لا أجلس عليه قائماً بين يدي ربي منتصباً مخافة أن يبعث بي إلى الجنة وتبقى أمتي بعدي فأقول يا رب أمتي فيقول الله عز وجل يا محمد وما تريد أن أصنع بأمتك فأقول يا رب عجل حسابهم فما أزال أشفع حتى أعطي صكاكاً برجال قد بعث بهم


(١) حديث عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول إبراهيم صلى الله عليه وسلم {رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} وقول عيسى صلى الله عليه وسلم {إن تعذبهم فإنهم عبادك} ثم رفع يديه ثم قال أمتي أمتي ثم بكى الحديث وفيه يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنا سنرضيك ولا نسوءك فى أمتك قلت ليس هو من حديث عمرو بن العاص وإنما هو من حديث ابنه عبد الله بن عمرو بن العاص كما رواه مسلم ولعله سقط من الإحياء ذكر عبد الله من بعض النساخ
(٢) حديث أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي الحديث وفيه وأعطيت الشفاعة متفق عليه من حديث جابر إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم من غير فخر أخرجه الترمذى وابن ماجه من حديث أبي بن كعب قال الترمذى حسن صحيح
(٣) حديث أنا سيد ولد آدم ولا فخر الحديث أخرجه الترمذى وقال حسن وابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري
(٤) حديث لكل نبي دعوة مستجابة فأريد أن أختبىء دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة متفق عليه من حديث أنس ورواه مسلم من حديث أبى هريرة

<<  <  ج: ص:  >  >>