مسترحم عندك رحمة ولكل راغب إليك زلفى ولكل متوسل إليك عفواً وقد وفدنا إلى بيتك الحرام ووقفنا بهذه المشاعر العظام وشهدنا هذه المشاهد الكرام رجاء لما عندك فلا تخيب رجاءنا
إلهنا تابعت النعم حتى اطمأنت الأنفس بتتابع نعمك وأظهرت العبر حتى نطقت الصوامت بحجتك وظاهرت المنن حتى اعترف أولياؤك بالتقصير عن حقك وأظهرت الآيات حتى أفصحت السموات والأرضون بأدلتك وقهرت بقدرتك حتى خضع كل شيء لعزتك وعنت الوجوه لعظمتك إذا أساءت عبادك حلمت وأمهلت وإن أحسنوا تفضلت وقبلت وإن عصوا سترت وإن أذنبوا عفوت وغفرت وإذا دعونا أجبت وإذا نادينا سمعت وإذا أقبلنا إليك قربت وإذا ولينا عنك دعوت
إلهنا إنك قلت في كتابك المبين لمحمد خاتم النبيين {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} فأرضاك عنهم بالإقرار بكلمة التوحيد بعد الجحود وإنا نشهد لك بالتوحيد مخبتين ولمحمد بالرسالة مخلصين فاغفر لنا بهذه الشهادة سوالف الإجرام ولا تجعل حظنا فيه أنقص من حظ من دخل في الإسلام
إلهنا إنك أحببت التقرب إليك بعتق ما ملكت أيماننا ونحن عبيدك وأنت أولى بالتفضل فأعتقنا
وإنك أمرتنا أن نتصدق على فقرائنا ونحن فقراؤك وأنت أحق بالتطول فتصدق علينا
ووصيتنا بالعفو عمن ظلمنا وقد ظلمنا أنفسنا وأنت أحق بالكرم فاعف عنا
ربنا اغفر لنا وارحمنا أنت مولانا رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حسنة وقنا برحمتك عذاب النار
وليكثر من دعاء الخضر عليه السلام وهو أن يقول يا من لا يشغله شأن عن شأن ولا سمع عن سمع ولا تشتبه عليه الأصوات يا من لا تغلطه المسائل ولا تختلف عليه اللغات يا من لا يبرمه إلحاح الملحين ولا تضجره مسألة السائلين أذقنا برد عفوك وحلاوة مناجاتك
وَلْيَدْعُ بِمَا بَدَا لَهُ وَلْيَسْتَغْفِرْ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ وَلِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلْيُلِحَّ فِي الدُّعَاءِ وَلْيُعَظِّمِ المسألة فإن الله لا يتعاظمه شيء وقال مطرف بن عبد الله هو بعرفة اللهم لا ترد الجميع من أجلي
وقال بكر المزني قال رجل لما نظرت إلى أهل عرفات ظننت أنهم قد غفر لهم لولا أني كنت فيهم
[الجملة السابعة في بقية أعمال الحج بعد الوقوف من المبيت والرمي والنحر والحلق والطواف]
فإذا أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَيَنْبَغِي أن يكون على السكينة والوقار وليجتنب وجيف الخيل وإيضاع الإبل كما يعتاده بعض الناس فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن وجيف الخيل وإيضاع الإبل وقال اتقوا الله وسيروا سيراً جميلاً لا تطأوا ضعيفاً ولا تؤذوا مسلماً (١)
فإذا بلغ المزدلفة اغتسل لها لأن المزدلفة من الحرم فليدخله بغسل وإن قدر على دخوله ماشياً فهو أفضل وأقرب إلى توقير الحرم ويكون في الطريق رافعاً صوته بالتلبية فإذا بلغ المزدلفة قال اللهم إن هذه مزدلفة جمعت فيها ألسنة مختلفة تسألك حوائج مؤتنفه فاجعلني ممن دعاك فاستجبت له وتوكل عليك فكفيته ثم يجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة في وقت العشاء قاصراً له بأذان وإقامتين ليس بينهما نافلة ولكن يجمع نافلة المغرب والعشاء والوتر بعد الفريضتين ويبدأ بنافلة المغرب ثم بنافلة العشاء كما في الفريضتين فإن ترك النوافل في السفر خسران ظاهر وتكليف إيقاعها في الأوقات إضرار وقطع للتبعية بينهما وبين الفرائض فإذا جاز أن يؤدي النوافل مع الفرائض بتيمم واحد بحكم التبعية فبأن يجوز أداؤهما على حكم الجمع بالتبعية أولى ولا يمنع من هذا مفارقة النفل للفرض في جواز أدائه على الراحلة لما أو مأنا إليه من التبعية والحاجة
ثم يمكث تلك الليلة
(١) حديث نهى النبي عن وجيف الخيل وإيضاع الإبل أخرجه النسائي والحاكم وصححه من حديث أسامة بن زيد عليكم بالسكينة والوقار فإن البر ليس في إيضاع الإبل وقال الحاكم ليس البر بإيجاف الخيل والإبل وللبخاري من حديث ابن عباس فإن البر ليس بالإيضاع