فبهذه النيات يرخص في ذكر المرض وإنما يشترط ذلك لأن ذكره شكاية والشكوى من الله تعالى حرام كما ذكرته في تحريم السؤال على الفقراء إلا بضرورة ويصير الإظهار شكاية بقرينة السخط وإظهار الكراهة لفعل الله تعالى فإن خلا عن قرينة السخط وعن النيات التي ذكرناها فلا يوصف بالتحريم ولكن يحكم فيه بأن الأولى تركه لإنه ربما يوهم الشكاية ولأنه ربما يكون فيه تصنع ومزيد في الوصف على الموجود من العلة ومن ترك التداوي توكلاً فلا وجه في حقه للإظهار لأن الاستراحة إلى الدواء أفضل من الاستراحة إلى الإفشاء وقد قال بعضهم: من بث لم يصبر وقيل في معنى قوله فصبرجميل لا شكوى فيه وقيل ليعقوب عليه السلام: ما الذي أذهب بصرك قال مر الزمان وطول الأحزان فأوحى الله تعالى إليه تفرغت لشكواي إلى عبادي فقال يا رب أتوب إليك: وروي عن طاوس ومجاهد أنهما قالا: يكتب على المريض أنينه في مرضه وكانوا يكرهون أنين المرض لأنه إظهار معنى يقتضي الشكوى حتى قيل ما أصاب إبليس لعنه الله من أيوب عليه السلام إلا أنينه في مرضه فجعل الأنين حظه منه وفي الخبر اذا مرض العبد أوحى الله تعالى إلى الملكين انظرا ما يقول لعواده فإن حمد الله وأثنى بخير دعوا له وأن شكا وذكر شرا قالا كذلك تكون (٢) حديث مرض علي فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: اللهم صبرني على البلاء فقال لقد سألت الله البلاء فسل الله العافية تقدم مع اختلاف