للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نختم الكتاب بباب في سعة رحمة الله تعالى على سبيل التفاؤل بذلك]

فقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآله وسلم يحب الفأل (١) وليس لنا من الأعمال ما نرجو به المغفرة فنقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في التفاؤل ونرجو أن يختم عاقبتنا بالخير في الدنيا والآخرة كما ختمنا الكتاب بذكر رحمة الله تعالى

فقد قال الله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وقال تعالى قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم وَقَالَ تَعَالَى وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رحيماً

ونحن نستغفر الله تعالى مِنْ كُلِّ مَا زَلَّتْ بِهِ الْقَدَمُ أَوْ طغى به القلم في كتابنا هذا وفي سائر كتبنا ونستغفره من أقوالنا التي لا توافقها أعمالنا ونستغفره مما ادعيناه وأظهرناه من العلم والبصيرة بدين الله تعالى مع التقصير فيه ونستغفره من كل علم وعمل قصدنا به وجهه الكريم ثم خالطه غيره ونستغفره من كل وعد وعدناه به من أنفسنا ثم قصرنا في الوفاء به ونستغفره من كل نعمة أنعم بها علينا فاستعملناها في معصيته ونستغفره من كل تصريح وتعريض بنقصان ناقص وتقصير مقصر كنا متصفين به ونستغفره من كل خطرة دعتنا إلى تصنع وتكلف تزينا للناس في كتاب سطرناه أو كلام نظمناه أو علم أفدناه أو استفدناه ونرجو بعد الاستغفار من جميع ذلك كله لنا ولمن طالع كتابنا هذا أو كتبه أو سمعه أن نكرم بالمغفرة والرحمة والتجاوز عن جميع السيئات ظاهراً وباطناً فإن الكرم عميم والرحمة واسعة والجود على أصناف الخلائق فائض

ونحن خلق من خلق الله عز وجل لا وسيلة لنا إليه إلا فضله وكرمه فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن لله تعالى مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والأنس والطير والبهائم والهوام فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وأخر تسعاً وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة (٢) ويروى أنه كان يوم القيامة أخرج الله تعالى كتاباً من تحت العرش فيه إن رحمتي سبقت غضبي وأنا أرحم الراحمين فيخرج من النار مثلا أهل الجنة (٣) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتجلى الله عز وجل لنا يوم القيامة ضاحكاً فيقول أبشروا معشر المسلمين فإنه ليس منكم أحد إلا وقد جعلت مكانه في النار يهودياً أو نصرانياً (٤) وقال النبي صلى الله عليه وسلم يشفع الله تعالى آدم يوم القيامة من جميع ذريته في مائة ألف ألف وعشرة آلاف ألف (٥) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عز وجل يقول يوم القيامة للمؤمنين هل أحببتم لقائي فيقولون نعم يا ربنا فيقول لم فيقولون رجونا عفوك ومغفرتك فيقول قد أوجبت لكم مغفرتي (٦) وقال


(١) حديث كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحب التفاؤل متفق عليه من حديث أنس فى أثناء حديث ويعجبنى الفأل الصالح والكلمة الحسنة ولهما من حديث أبى هريرة وخيرهما الفأل قال الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم
(٢) حديث إن لله تعالى مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والأنس الحديث أخرجه مسلم من حديث أبى هريرة وسلمان
(٣) حديث إذا كان يوم القيامة أخرج الله كتاباً من تحت العرش فيه إن رحمتي سبقت غضبى الحديث متفق عليه من حديث أبى هريرة لما قضى الله الخلق كتب عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي لفظ البخارى وقال مسلم كتب فى كتابه على نفسه إن رحمتي تغلب غضبي
(٤) حديث يتجلى الله لنا يوم القيامة ضاحكاً فيقول أبشروا معشر المسلمين فإنه ليس منكم أحد إلا وقد جعلت مكانه في النار يهودياً أو نصرانيا أخرجه مسلم من حديث أبى موسى إذا كان يوم القيامة دفع الله الى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا فيقول هذا فداؤك من النار ولأبى داود أمتى أمة مرحومة لاعذاب عليها فى الآخرة الحديث وأما أول الحديث فرواه الطبرانى من حديث أبى موسى أيضا يتجلى الله ربنا لنا ضاحكا يوم القيامة حتى ينظروا إلى وجهه فيخرون له سجدا فيقول ارفعوا رءوسكم فليس هذا يوم عبادة وفيه على بن زيد بن جدعان
(٥) حديث يشفع الله آدم يوم القيامة من ذريته في مائة ألف ألف وعشرة آلاف ألف اخرجه الطبرانى من حديث أنس بإسناد ضعيف
(٦) حديث إن الله تعالى يقول يوم القيامة للمؤمنين هل أحببتم لقائي فيقولون نعم الحديث أخرجه أحمد والطبرانى من حديث معاذ بسند ضعيف

<<  <  ج: ص:  >  >>