للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العاشر: أن يلازم المسجد حتى يصلي العصر فإن أقام إلى المغرب فهو الأفضل يقال من صلى العصر في الجامع كان له ثواب الحج ومن صلى المغرب فله ثواب حجة وعمرة فإن لم يأمن التصبع ودخول الآفة عليه من نظر الخلق إلى اعتكافه أو خاف الخوض فيما لا يعني فالأفضل أن يرجع إلى بيته ذَاكِرًا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مُفَكِّرًا فِي آلَائِهِ شاكر اللَّهَ تَعَالَى عَلَى تَوْفِيقِهِ خَائِفًا مِنْ تَقْصِيرِهِ مراقباً لقلبه ولسانه إلى غروب الشمس حتى لا تفوته الساعة الشريفة ولا ينبغي أن يتكلم في الجامع وغيره من المساجد بحديث الدنيا قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زمان يكون حديثهم في مساجدهم أمر دنياهم ليس لله تعالى فيهم حاجة فلا تجالسوهم (١)

بيان الآداب والسنن الخارجة عن الترتيب السابق الذي يعم جميع النهار وهي سبعة أمور

الأول: أن يحضر مجالس العلم بكرة أو بعد العصر ولا يحضر مجالس القصاص فلا خير في كلامهم

ولا ينبغي أن يخلو المريد في جميع يوم الجمعة عن الخيرات والدعوات حتى توافيه الساعة الشريفة وهو في خير ولا ينبغي أن يحضر الحلق قبل الصلاة وروى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة (٢)

إلا أن يكون عالماً بالله يذكر بأيام الله ويفقه في دين الله يتكلم في الجامع بالغداة فيجلس إليه فيكون جامعاً بين البكور وبين الاستماع واستماع العلم النافع في الآخرة أفضل من اشتغاله بالنوافل فقد روى أبو ذر إن حضور مجلس علم أفضل من صلاة ألف ركعة (٣)

قال أنس بن مالك في قوله تعالى فإذا قضيت الصلاة فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ أما إنه ليس بطلب دنيا لكن عيادة مريض وشهود جنازة وتعلم علم وزيارة أخ في الله عز وجل

وقد سمى الله عز وجل العلم فضلاً في مواضع قال تعالى وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً وقال تعالى ولقد آتينا داود منا فضلاً يعني العلم فتعلم العلم في هذا اليوم وتعليمه من أفضل القربات

والصلاة أفضل من مجالس القصاص إذ كانوا يرونه بدعة ويخرجون القصاص من الجامع بكر ابن عمر رضي الله عنهما إلى مجلسه في المسجد الجامع فإذا قاص في موضعه فقال قم عن مجلسي فقال لا أقوم وقد جلست وسبقتك إليه فأرسل ابن عمر إلى صاحب الشرطة فأقامه، فلو كان ذلك من السنة لما جازت إقامته فَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يقيمن أحدكم أخاه من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا (٤)

وكان ابن عمر إذا قام الرجل له من مجلسه لم يجلس فيه حتى يعود إليه

وروى أن قاصا كان يجلس بفناء حجرة عائشة رضي الله عنها فأرسلت إلى ابن عمر إن هذا قد آذاني بقصصه وشغلني عن سبحتي فضربه ابن عمر حتى كسر عصاه على ظهره ثم طرده

الثاني: أن يكون حسن المراقبة للساعة الشريفة ففي الخبر المشهور إن في الجمعة ساعة لايوافقها عبد مسلم يسأل الله عز وجل فيها شيئا إلا أعطاه (٥) وفي خبر آخر لا يصادفها عبد يصلي (٦)

واختلف فيها فقيل إنها عند طلوع الشمس وقيل عند الزوال وقيل مع الأذان وقيل إذا صعد الإمام المنبر وأخذ في الخطبة وقيل إذا قام


(١) حديث يأتي على أمتي زمن يكون حديثهم في مساجدهم أمر دنياهم الحديث أخرجه البيهقي في الشعب من حديث الحسن مرسلا وأسنده الحاكم من حديث أنس وصحح إسناده وأخرج ابن حبان نحوه من حديث ابن مسعود وقد تقدم
(٢) حديث عبد الله بن عمر في النهي عن التحلق يوم الجمعة أخرجه أبو داود والنسائي ورواه ابن ماجه من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من حديث ابن عمر
(٣) حديث أبي ذر حضور مجلس علم أفضل من صلاة ألف ركعة تقدم في العلم
(٤) حديث لا يقيمن أحدكم أخاه من مجلسه الحديث متفق عليه من حديث ابن عمر
(٥) حديث إن في الجمعة سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فيها شيئاً إلا أعطاه أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث عمرو بن عوف المزني
(٦) حديث لا يصادفها عبد يصلي متفق عليه من حديث أبي هريرة

<<  <  ج: ص:  >  >>