للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألم كفارة يوم ولما ذكر صلى الله عليه وسلم كفارة الذنوب بالحمى سأل زيد بن ثابت ربه عز وجل أن لا يزال محموماً فلم تكن الحمى تفارقه حتى مات رحمه الله وسأل ذلك طائفة من الأنصار فكانت الحمى لا تزايلهم (١) ولما قال صلى الله عليه وسلم من أذهب الله كريمتيه لم يرض له ثوابا دون الجنة حديث من أذهب الله كريمتيه لم يرضى له ثواباً دون الجنة تقدم المرفوع منه دون قوله قال فلقد كان من الأنصار من يتمنى العمى وقال عيسى عليه السلام لا يكون عالماً من لم يفرح بدخول المصائب والأمراض على جسده وماله لما يرجو في ذلك من كفارة خطاياه وروي أن موسى عليه السلام نظر إلى عبد عظيم البلاء فقال: يا رب ارحمه فقال تعالى: كيف أرحمه فيما به أرحمه أي به أكفر ذنوبه وأزيد في درجاته السبب السادس أن يستشعر العبد في نفسه مبادىء البطر والطغيان بطول مدة الصحة فيترك التداوي خوفاً من أن يعاجله زوال المرض فتعاوده الغفلة والبطر والطغيان أو طول الأمل والتسويف في تدارك الفائت وتأخير الخيرات فإن الصحة عبارة عن قوة الصفات وبها ينبعث الهوى وتتحرك الشهوات وتدعو إلى المعاصي وأقلها أن تدعو إلى التنعم في المباحات وهو تضييع الأوقات وإهمال للربح العظيم في مخالفة النفس وملازمة الطاعات وإذا أراد الله بعبد خيراً لم يخله عن التنبه بالأمراض والمصائب ولذلك قيل لا يخلو المؤمن من علة أو قلة أو زلة

وقد روى وقد روي أن الله تعالى يقول: الفقر سجني والمرض قيدي أحبس به من أحب من خلقي فإذا كان في المرض حبس عن الطغيان وركوب المعاصي فأي خير يزيد عليه ولم ينبغ أن يشتغل بعلاجه من يخاف ذلك على نفسه فالعافية في ترك المعاصي فقد قال بعض العارفين لإنسان كيف كنت بعدي قال في عافية قال إن كنت لم تعص الله عز وجل فأنت في عافية وإن كنت قد عصيته فأي داء أدوأ من المعصية ما عوفي من عصى الله وقال علي كرم الله وجهه لما رأى زينة النبط بالعراق في يوم عيد ما هذا الذي أظهروه قالوا: يا أمير المؤمنين هذا يوم عيد لهم فقال: كل يوم لا يعصى الله عز وجل فيه فهو لنا عيد وقال تعالى من بعد ما أراكم ما تحبون قيل العوافي إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى وكذلك إذا استغنى بالعافية قال بعضهم: إنما قال فرعون: أنا ربكم الأعلى لطول العافية لأنه لبث أربعمائة سنة لم يصدع له رأس ولم يحم له جسم ولم يضرب عليه عرق فادعى الربوبية لعنه الله ولو أخذته الشقيقة يوماً لشغلته عن الفضول فضلاً عن دعوى الربوبية وقال صلى الله عليه وسلم أكثروا من ذكر هاذم اللذات حديث اكثروا ذكر هاذم اللذات أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب والنسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة وقد تقدم // وقيل: الحمى رائد الموت فهو مذكر له ودافع للتسويف

وقال تعالى أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون قيل يفتنون بأمراض يختبرون بها ويقال إن العبد إذا مرض مرضتين ثم لم يتب قال له ملك الموت: يا غافل جاءك مني رسول بعد رسول فلم تجب


(١) حديث لما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم كفارة الذنوب بالحمى سأل زيد بن ثابت أن لا يزال محموماً الحديث وسأل ذلك طائفة من الأنصار: أخرجه أحمد وأبو يعلي من حديث أبي سعيد الخدري باسناد جيد ان رجلا من المسلمين قال يارسول الله ارايت هذه الأمراض تصيبنا مالنا فيها قال كفارات قال أبي: وان قلت قال فان شوكة فما فوقها قال فدعا أبي أن لا يفارقه الوعك حتى يموت الحديث وللطبراني في الأوسط من حديث أبي بن كعب أنه قال يارسول الله ما جزاء الحمى قال تجري الحسنات على صاحبها ما اختلج عليه قدم أو ضرب عليه عرق فقال: اللهم اني أسألك حمى لا تمنعني خروجا في سبيلك ولا خروجا إلى بيتك ولا لمسجد نبيك الحديث والاسناد مجهول قاله علي بن المديني

<<  <  ج: ص:  >  >>