وقال شداد بن أوس ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت حتى أزمها وأخطمها غير هذه وكان قد قال لغلامه ائتنا بالسفرة لنبعث بها حتى ندرك الغداء وقال أبو سفيان لأهله حين حضره الموت لا تبكوا علي فإني ما أحدثت ذنباً منذ أسلمت وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى ما قضى الله في بقضاء قط فسرني أن يكون قضي لي بغيره وما أصبح لي هوى إلا في مواقع قدر الله فهذا كله إظهار لأحوال شريفة وفيها غاية المراءاة إذا صدرت ممن يرائي بها وفيها غاية الترغيب إذا صدرت ممن يقتدى به فذلك على قصد الاقتداء جائز للأقوياء بالشروط التي ذكرناها فلا ينبغي أن يسد باب إظهار الأعمال والطباع مجبولة على حب التشبه والاقتداء بل إظهار المرائي للعبادة إذا لم يعلم الناس أنه رياء فيه خير كثير للناس ولكنه شر للمرائي فكم من مخلص كان سبب إخلاصه الاقتداء بمن هو مراء عند الله وقد روي أنه كان يجتاز الإنسان في سكك البصرة عند الصبح فيسمع أصوات المصلين بالقرآن من البيوت فصنف بعضهم كتاباً في دقائق الرياء فتركوا ذلك وترك الناس الرغبة فيه فكانوا يقولون ليت ذلك الكتاب لم يصنف فإظهار المرائي فيه خير كثير لغيره إذا لم يعرف رياؤه وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر وبأقوام لا خلاق لهم