للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوماً وفي بعض الآثار تسبغ الوضوء وتدخل المسجد وتصلى ركعتين (١) وفى بعض الأخبار تصلي أربع ركعات (٢) وفى الخبر إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تكفرها السر بالسر والعلانية بالعلانية (٣) ولذلك قيل صدقة السر تكفر ذنوب الليل وصدقة الجهر تكفر ذنوب النهار وفي الخبر الصحيح أن رجلاً قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إني عالجت امرأة فأصبت منها كل شىء إلا المسيس فاقض علي بحكم اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو ما صليت معنا صلاة الغداة قال بلى فقال صلى الله عليه وسلم أن الحسنات يذهبن السيئات (٤) وهذا يدل على أن ما دون الزنا من معالجة النساء صغيرة إذ جعل الصلاة كفارة له بمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس كفارات لما بينهن إلا الكبائر فعلى الأحوال كلها ينبغي أَنْ يُحَاسِبَ نَفْسَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَيَجْمَعَ سَيِّئَاتِهِ ويجتهد في دفعها بالحسنات

فإن قلت فكيف يكون الاستغفار نافعاً من غير حل عقدة الإصرار وفي الخبر المستغفر من الذنب وهومصر عليه كالمستهزىء بآيات الله (٥) وكان بعضهم يقول استغفر الله من قولي أستغفر الله وقيل الاستغفار باللسان توبة الكذابين وقالت رابعة العدوية استغفارنا يحتاج إلى استغفار كثير فاعلم أنه قد ورد في فضل الاستغفار أخبار خارجة عن الحصر ذكرناها في كتاب الأذكار والدعوات حتى قرن الله الاستغفار ببقاء الرسول صلى الله عليه وسلم فقال تعالى وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون فكان بعض الصحابة يقول كان لنا أمانان ذهب أحدهما وهو كون الرسول فينا وبقي الاستغفار معنا فإن ذهب هلكنا (٦) فنقول الِاسْتِغْفَارَ الَّذِي هُوَ تَوْبَةُ الْكَذَّابِينَ هُوَ الِاسْتِغْفَارُ بِمُجَرَّدِ اللِّسَانِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِلْقَلْبِ فِيهِ شَرِكَةٌ كَمَا يَقُولُ الْإِنْسَانُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ وَعَنْ رَأْسِ الْغَفْلَةِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَكَمَا يَقُولُ إِذَا سَمِعَ صِفَةَ النَّارِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَأَثَّرَ بِهِ قَلْبُهُ وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى مُجَرَّدِ حَرَكَةِ اللِّسَانِ وَلَا جَدْوَى لَهُ فَأَمَّا إِذَا انْضَافَ إِلَيْهِ تَضَرُّعُ الْقَلْبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَابْتِهَالُهُ فِي سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ عَنْ صِدْقِ إِرَادَةٍ وَخُلُوصِ نِيَّةٍ وَرَغْبَةٍ فَهَذِهِ حَسَنَةٌ فِي نَفْسِهَا فَتَصْلُحُ لِأَنْ تُدْفَعَ بِهَا السَّيِّئَةُ وَعَلَى هَذَا تُحْمَلُ الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي فَضْلِ الِاسْتِغْفَارِ حَتَّى قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ وَلَوْ عَادَ في اليوم سبعين مرة (٧)


(١) أثر إن من مكفرات الذنب أن تسبغ الوضوء وتدخل المسجد وتصلى ركعتين اخرجه أصحاب السنن من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه ما من عبد يذنب ذنباً فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ثم يستغفر الله إلا غفر الله له لفظ أبى داود وهو فى الكبرى للنسائى مرفوعا وموقوفا فلعل المصنف عبر بالأثر لارادة الموقوف فذكرته احتياطا والا فالآثار ليست من شرط كتابى
(٢) حديث التكفير بصلاة أربع ركعات أخرجه ابن مردوية فى التفسير والبيهقى فى الشعب من حديث ابن عباس قال كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يهوى امرأة الحديث وفيه فلما رآها جلس منها مجلس الرجل من امرأته وحرك ذكره فإذا هو مثل الهدية فقام نادما فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم صل أربع ركعات فأنزل الله عز وجل وأقم الصلاة طرفى النهار الآية وإسناده جيد
(٣) حديث إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تكفرها السر بالسر والعلانية بالعلانية أخرجه البيهقى فى الشعب من حديث معاذ وفيه رجل لم يسم ورواه الطبرانى من رواية عطاء بن يسار عن معاذ ولم يلقه بلفظ وما عملت من سوء فأحدث لله فيه توبة السر بالسر الحديث
(٤) حديث أن رجلاً قال يا رسول الله إني عالجت امرأة فأصبت منها كل شىء إلا المسيس الحديث فى نزول أن الحسنات يذهبن السيئات متفق عليه من حديث ابن مسعود دون قوله أو ما صليت معنا صلاة الغداة ورواه مسلم من حديث أنس وفيه هل حضرت معنا الصلاة قال نعم ومن حديث أبى أمامة وفيه ثم شهدت الصلاة معنا قال نعم الحديث
(٥) حديث المستغفر من الذنب وهو مصر عليه كالمستهزىء بآيات الله أخرجه ابن أبى الدنيا فى التوبة ومن طريقة البيهقي فى الشعب من حديث ابن عباس بلفظ كالمستهزىء بربه وسنده ضعيف
(٦) حديث بعض الصحابة في قوله تعالى وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم الآية كان لنا أمانان ذهب أحدهما أخرجه احمد من قول أبى موسى الأشعرى ورفعه الترمذى من حديثه أنزل الله على أمانين الحديث وضعفه وابن مردوية فى تفسيره من ولابن عباس
(٧) حديث ما أصر من استغفر الحديث تقدم فى الدعوات

<<  <  ج: ص:  >  >>